تصوير عباس سلمان

‫العدو يضرب اقتصاد الضاحية

جريدة الأخبار

| فؤاد بزي |

يوماً بعد آخر، يتضح أكثر فأكثر كذب الادعاء الصهيوني بـ«تدمير مبان ومستودعات خاصة بحزب الله في الضاحية الجنوبية». ليل الأربعاء – الخميس، ادعى الناطق باسم جيش الاحتلال الصهيوني، المدعو أفيخاي أدرعي، قصف «مخازن صواريخ لحزب الله»، وهو ما يحلو لآلة الكذب إطلاقه على بيوتنا وشوارعنا.

شنت طائرات العدو في تلك الليلة 13 غارة على مناطق مختلفة من الضاحية الجنوبية، مثل حي معوض التجاري، وحيي الجاموس والسان تيريز السكنيين، فضلاً عن محلّة الكفاءات. محت الغارات ستة مبانٍ تماماً، فضلاً عن التسبب بأضرار كبيرة في عدد كبير من المباني المجاورة لتلك المستهدفة، فضلاً عن اشتعال النار في مستودعين صناعيين.

ليل الخميس، أحرقت غارات العدو مؤسستين، الأولى هي مستودع «أوميغا» للدهانات في محلة الكفاءات، والثانية هي معمل «الوليد بلاست» لتصنيع الأدوات البلاستيكية في محلّة السان تيريز، إضافة إلى تدمير ملعب لكرة القدم، ومبنى سكني وتجاري في سوق معوض يعود تاريخ إنشائه إلى ستينات القرن الماضي، وعدد من الأبنية في محلة السان تيريز تضم شققاً سكنية ومعارض تجارية كبيرة متخصصة في بيع الأدوات المنزلية والعدّة الصناعية وسوبرماركت كبيرة.

في حصيلة هذه الغارات، تمّ تدمير صفر أهداف عسكرية للمقاومة. إذ «لا أهداف عسكرية في الضاحية الجنوبية، بل هي محاولات لتدفيع المنطقة ثمن خياراتها السياسية، وجعلها من دون مرافق اقتصادية. وادعاءات جيش الاحتلال الصهيوني بوجود مستودعات ومخازن عسكرية مجرد حجج لضرب اقتصاد هذه المنطقة، وفصل التجار عن مجتمع المقاومة»، يقول صاحب أحد المحال المستهدفة.

منذ اليوم الأول للاعتداءات، يعرف سكان المنطقة تماماً أنّ «الهدف من العدوان هو تكبيد المجتمع أثماناً باهظةً لوقوفه مع المقاومة، ودعمها»، بحسب حسين غريّب، وهو صاحب محل أدوات صناعية مدمر. إذ «تشير كلّ الأدلة إلى استخدام العدو مبدأ الإرهاب، والتخويف لدفع الناس بعيداً عن المقاومة». فتوقيت الغارات، والإعلان عنها مسبقاً، والضرب من فوق البحر ليسمع حتى سكان العاصمة صوت صفير الصواريخ قبل وقوعها، ما هي إلا «وسائل ترهيب»، بحسب غريّب.

يتفق عدد من تجار الضاحية وصناعييها على أنّهم المستهدفون أولاً من العدوان. «هي حرب نفسية واقتصادية على الضاحية»، وفقاً لمحمد الذي يملك مطبعة في محلة الغبيري، إذ «لا تشن الغارات إلا ليلاً، ولا تستهدف إلا الشقق السكنية، ومصانع المنطقة التي تشغّل عدداً لا بأس به من اليد العاملة». على سبيل المثال، «ادعى جيش العدو كذباً ضرب مستودعات للمقاومة في منطقة الحدث»، يقول محمد. فيما «المستودع المستهدف عبارة عن منشرة للأخشاب، ومصنع موبيليا، وورشة دهان للسيارات». وإلى جواره، وفي المبنى نفسه، هناك مستودع للسجاد، والبرادي، يعود لأحد المحال المعروفة في المنطقة.

إلا أنّ العدو لم يوقف كذبه بعد الضربة، بل ذهب أبعد، وادعى أنّ الحريق سببه وجود مواد متفجرة تستعملها المقاومة، في حين أنّ المواد الملتهبة هي سجاد ودهانات وخشب، تعود كلّها إلى هذه الورش الصغيرة. وأدّت إلى تحوّل لون المبنى من الأبيض إلى الأسود من دون انفجارات إضافية، بحسب حسين عز الدين أحد سكان المبنى. وبسبب كثافة الغارات على الضاحية، لم تتمكن فرق الإطفاء من إعطاء الحريق الأولوية لإطفائه. حتى اللحظة، لا حصيلة رسمية بما دمرته الغارات الليلية على الضاحية الجنوبية من مصانع ومنازل ومحال تجارية. وجلّ ما تقوم الأجهزة الرسمية في الضاحية هي إعادة فتح الطرقات المقفلة بالردم، وإطفاء النيران المشتعلة.