من الضرب “تحت الحزام”.. إلى الحرب المفتوحة؟

| غاصب المختار |

مازال الكيان الاسرائيلي يُصرُّ على جرّ “حزب الله” إلى حرب، أو مواجهة عسكرية واسعة، تعيد في نتائجها صياغة قواعد الاشتباك بما يحقق للعدو تقدماً، أو تميّزاً فيها، في حال تمكن من تحقيق إنجاز ما خلالها. لذلك ظل يوسّع هجماته على الحزب، ويضرب “تحت الزنار”، متجاوزاً تعليمات “الحكّام” الدوليين و”قوانين اللعبة”، كما فعل يومي الثلاثاء والأربعاء بتفجير أجهزة “البيجر” واللاسلكي التي يستخدمها الحزب عسكرياً ومدنياً، ومن ثم الغارة على الضاحية الجنوبية يوم الجمعة، وهي المرة الثالثة منذ بدء معركة إسناد غزة، مستهدفاً القيادي في “حزب الله” ابراهيم عقيل.

لم يعد العدو الإسرائيلي يختبئ في الظل من “اعتداءاته النوعية”، بعدما أنكر علناً أو صمت قبل ذلك، ومنع التعليقات العلنية لمسؤولي الكيان من وزراء وعسكريين وأحزاب، لكنه يؤكد مسؤوليته بتسريباته عبر وسائل إعلامه أنه المسؤول عن أي عدوان ويعطي معلومات عن الهدف والسبب. ولكن هذه المرة، في غارة يوم الجمعة على حي الجاموس في منطقة حارة حريك، كان التسريب أوضح وأكثر تأثيراً بالمعنى السياسي والعسكري حين نقلت وسائل الاعلام العبري عن مسؤول إسرائيلي أنه “لا توجد خطوط حمراء حالياً في المواجهة مع حزب الله، والهدف هو ملاحقة الحزب”.

بعد مجزرتي أجهزة الاتصالات والغارة الأخيرة يوم الجمعة على حارة حريك، أظهر رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتياهو وبعض وزرائه، أنه يريد الحرب ولا يخشى خوضها، على الرغم من كل التحذيرات من عواقبها، وبخاصة تحذيرات حليفه الأميركي.

فلا هو مهتم بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، ولا بمصير الحزب الديموقراطي، بل لعله يضع بين أهدافه التصعيدية المساهمة في خسارة مرشحة الحزب الديموقراطي كامالا هاريس أمام مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، عدا الأهداف الأخرى التي تركز على تحقيق هزيمة أو خسائر كبرى ما لـ”حزب الله”. كما أظهر أنه لا يهتم لخسارة مزيد من الرأي العام الغربي ولصورته التي أصبحت سوداء قاتمة أمام العالم نتيجة ما يقوم به من مجازر في غزة.

وتأكيداً لذلك، نقل موقع “أكسيوس” الأميركي عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن “إسرائيل توصلت إلى نتيجة أنه لا تسوية للوضع على الحدود الشمالية من دون تصعيد”.

ومع أن الناطق بإسم جيش الاحتلال الإسرائيلي قال بعد غارة الضاحية “اننا لا نعمل من أجل تصعيد شامل وواسع في المنطقة بل لتحقيق أهداف الحرب، وملتزمون بالعمل على إعادة سكان الشمال إلى منازلهم”، فإنّ الوقائع تشير إلى أن تراجع العدو الاسرائيلي عن التصعيد العسكري إلى الحد النهائي أو وقف القتال، أصبح بمثابة خسارة كبيرة واستراتيجية له سياسية وعسكرية، لذا يندفع نحو جرّ المنطقة للحرب، خاصة أن “اعتداءاته النوعية” ضد “حزب الله” بعد تفجيرات أجهزة الاتصال واللاسلكي لم تؤثر على وضعية الحزب العسكرية بما كان العدو يتمنى لإضعافه وفرض شروطه عليه، وهو هدف سرّبته أيضاً وسائل الإعلام العبري، حيث حصل بعد تفجير أجهزة التواصل “بايجر” تسريب إسرائيلي مفاده أن “هدف العملية هوالضغط على حزب الله لقبول التسوية التي تريدها إسرائيل لجبهة الجنوب”.