| مرسال الترس |
بعد بضعة محاولات رافقها التردّد والتعثر، قرّر رجل الأعمال بهاء الحريري خوض غمار السياسة على الساحة اللبنانية، لـ”إكمال” إرث والده السياسي، وسط أجواء متشنجة على الحدود الجنوبية تمتد تفاعلاتها إلى الداخل اللبناني بقوة، وفراغ قاتل في كرسي بعبدا تغلغلت آثاره السلبية إلى مختلف مواقع القرار في الدولة، والجميع في ترقّب وانتظار… مما أوحى وكأن الرجل يغرّد خارج الاسراب التفاعلية في الواقع اللبناني!
ففي حين مهّد الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولوجه للعمل السياسي، في ثمانينيات القرن الماضي، بسلسلة من المآثر الخيرية والاجتماعية، يأتي بهاء في العام 2024، بعد عثرات كبيرة، بدأت عشية استشهاد والده في مطلع العام 2005، حين انكفأ صاغراً عن تسلم الأرث الكبير نتيجة تأثيرات خارجية ألقت بعباءة الزعامة على أكتاف شقيقه سعد غير المتمرس بغمار السياسة اللبنانية التي تطحن الصخر، فبدأت أزمة قلة الثقة تلاحقه منذ ذلك التاريخ.
وعندما عاكست الرياح، ولاسيما الخليجية منها، السياسة المعتمدة من قبل الشيخ سعد، اتجهت الانظار مجدداً إلى بهاء علّه يملأ الفراغ، وتحديداً في تيار “المستقبل” الذي أغدق عليه الوالد الشهيد الوقت والأموال ليوصله إلى مكانة متمكّنة في التركيبة اللبنانية، وعلى مستوى أكثر من طائفة. ولكن كان التردد وعدم الإقدام، حليف النجل الأكبر للرئيس الشهيد، فتارة يطل من بيروت، وطوراً من قبرص، ليعود حاملاً آثار الخيبة، ومحملاً في معظم الأوقات فرق عمله مسؤولية الفشل.
وإذا كان مؤسس “تيار المستقبل” قد ربح الكثير من محبة القلوب نتيجة كرمه، غير المحدود أحياناً ولاسيما على هامش الانتخابات النيابية، فإن نجله البكر الذي لم يحظَ بالوراثة على هذا الصعيد من أبيه، فجاءت الإنعكاسات لتلقنه درساً. ولعل أحدث ما حصل في هذا المجال في إحدى المآدب التي أقامها على هامش “تفقده” لمدينة طرابلس قد كشفت بعض المستور. حيث تقدمت إحدى السيدات “المعروفة جداً” إلى وسط القاعة لتلوم الشيخ كيف أنه يتناول السمك فيما يقدّم للآخرين “الطاووق” كطبق رئيسي حيث بادر الشيخ إلى محاولة استدراك “الهفوة”.
واللافت أن زيارة الشيخ بهاء للشمال جاءت من بوابة منتجع “الميرامار” الذي يمت أصحابه بصلة قرابة للنائب “المستقبلي”، سابقاً، اشرف ريفي، الذي بات بينه وبين اركان “التيار الأزرق” ما لم يصنعه الحداد. في وقت كان أركان ذلك التيار، الغائب عن السمع، يشددون على وجوب الالتزام بمبدأين: الأول عدم التناغم مع حركة الشيخ بهاء، وفي الوقت نفسه عدم التصويب عليه!
فهل ستكون الخطوة الجديدة مفتاحاً لمرحلة جديدة لأحد أفراد العائلة التي تركت أثراً بالغاً في موقع الرئاسة الثالثة، أم ستكون محاولة جديدة غير ناجحة كما سبقها بانتظار ما سيستجد بمستقبل الشيخ سعد؟