| مرسال الترس |
يُجمع المؤرخون على أن العلاقة تاريخية جداً بين دمشق، العاصمة التي شهدت العديد من الغزاة والحكام، وبين آل جنبلاط الذين أثبتوا زعامتهم في طائفة الموحدين الدروز منذ عقود عديدة.
ولأن هناك امتداداً بين أبناء الطائفة الموجودين في سوريا ولبنان، إن لجهة النسب أو المصاهرة أو الارتباط المذهبي، فقد توطدت الأواصر وبات “الجسمان” كعائلة واحدة في بلدين جارين.
إثر استشهاد كمال جنبلاط في آذار من العام 1977، اهتزت العلاقة بين دروز لبنان والحكم في سوريا، ولكنها لم تصل إلى القطيعة إلاّ عندما امتطى خليفته ونجله وليد جنبلاط مسرح ساحة الشهداء، الذي نظمته قوى الرابع عشر من آذار عام 2005، ليصب جام غضبه وعباراته الشهيرة الخارجة عن أي مألوف تجاه رأس النظام في سوريا.
ومنذ ذلك الحين، لم تعد المياه الى مجاريها، على الرغم من محاولات بعض الأصدقاء المشتركين لترميمها، ولكّن حاضنة نهر بردى كانت ترفض رفضاً تاماً إعادة وصل ما إنقطع. لا بل يقال إنها كانت تكرّر القول أن العلاقة مع الدروز تختلف، إن في لبنان أو سوريا، بشكل جذري عن ما كان قائماً بين النظام ورئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” الذي تنازل عن مواقعه السياسية والنيابية لصالح نجله تيمور، والذي يمكن أن يزورها ضمن أطر معينة.
ومؤخراً، ترددت معلومات أن وليد جنبلاط حاول تكليف إحدى الشخصيات القيادية الشمالية بالعمل على إصلاح ما أفسدته قوى 14 آذار من العلاقة مع الرئيس بشار الأسد، مع إعادة بعض العواصم العربية سفراءها إلى العاصمة السورية فيما شارك هو شخصياً في آخر قمتين عربيتين إحداها في عاصمة المملكة العربية السعودية وثانيها في عاصمة مملكة البحرين. ولكن الجواب لم يكن مشجعاً على الإطلاق، لا بل إنه تضمن كَمّاً من العتب الذي لم يستطع أي نوع من الصابون أن يغسله.
اللافت أن هذه الخطوة التي لم تكتمل فصولاً، قد ترافقت مع قيام نواب “اللقاء الديمقراطي” و”الحزب الاشتراكي” بقيادة النائب تيمور بـ”مبادرة” لتحريك الملف الرئاسي، بناء على تمنٍ ـ كما قيل ـ من الرئاسة الفرنسية التي زارها “أبو تيمور” الشهر الماضي، ومن ثم عرّج على العاصمة القطرية.
فهل يمكن أن تكون باريس مربطاً ثابتاً لخيل آل جنبلاط وزعامتها، كبديل عن دمشق، ريثما يقضي الله أمراً كان مفعولاً؟