رغم “محاولات” الصيانة والترميم، وجهود يبذلها القضاة والمحامون والمساعدون القضائيون لتسيير عجلة العمل بما تيسّر، ليس لـ”قصر العدل” في بعلبك من اسمه أي نصيب.
ولولا مبادرة من قاضي التحقيق حمزة شرف الدين لجمع تبرعات لتزويد “القصر” بألواح طاقة شمسية لغرق في ظلام دامس، في وقت تغيب عنه كل المستلزمات الضرورية من قرطاسية وأوراق وأقلام ومحاضر وسجلّات للعمل في أقلام المحاكم والدوائر، ويتبرّع المحامون من أموالهم لتغطية بعض النواقص، فيما تغرق وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى ورئيسه ونواب المنطقة في “كوما”، وكأنّ “عدلية بعلبك” خارج أراضي الجمهورية.
بعيداً عن النقص اللوجستي، وفيما يُفترض اعتبار عدلية بعلبك قائمة بحدّ ذاتها ومساواتها بعدليات أخرى، بحيث يكون فيها نائب عام استئنافي ورئيس أول استئنافي وقاضي تحقيق أول ومحكمتا بداية ومحكمة جنايات وهيئة اتهامية، لا يزال التعاطي معها كملحقة بعدلية زحلة، إذ لا توجد فيها سوى محكمة استئناف وحيدة تنظر في الدعاوى المدنية والجزائية وتعمل كهيئة اتهامية ومحكمة استئناف جزائية ومدنية في آن، ولم يعد ينقصها سوى أن تصبح محكمة جنايات، لولا التعارض القانوني بين وظيفتها كهيئة اتهامية واستصدار الأحكام. وكلّما أحيل قاض على التقاعد أو تنحّى قاض عن ملف، وجب انتظار انتداب قاض من زحلة لإكمال هيئة محكمة الاستئناف، ما يزيد الأعباء ويراكم الملفّات، خصوصاً أنّ للقاضي المكلف في الأساس عملاً يقوم به في المحكمة الموجود فيها في زحلة.
ولأن تكليف القضاة غير ثابت بل عرضة للتغيير بحسب توافر القاضيين المطلوب تكليفهما كمستشارين، فإن رئيس محكمة الاستئناف في بعلبك لا يعرف غالباً القاضيين المستشارين المكلّفين بإكمال الهيئة معه إلّا لدى وصوله إلى قصر العدل ودخوله مكتبه لمتابعة النظر في الملفّات المعروضة عليه، فيما المفروض أن يتمّ الانتداب والتكليف قبل فترة زمنية معقولة تتماشى مع متطلبات القانون. علماً أن القضاة الثلاثة المكلفين بالعمل في محكمة استئناف بعلبك غير ثابتين ولهم وظائفهم الأصلية، ويقطعون مسافات طويلة للوصول إلى المحكمة. فرئيس المحكمة بالتكليف القاضي إيلي لطيف الذي يتقاعد في تموز المقبل يسكن في بيروت، وقاضي التحقيق حمزة شرف الدين في مسقط رأسه في بلدة شحيم في إقليم الخروب، والمحامي العام الاستئنافي القاضي ياسر مصطفى في بلدته قليا في البقاع الغربي.
ويزيد من تراكم الملفات أن محكمة الاستئناف في بعلبك تلتئم مرّة واحدة يوم الأربعاء كلّ ثلاثة أسابيع، وإذا صودف انعقادها يوم عطلة رسمية وجب الانتظار ثلاثة أسابيع أخرى، ما يعني ذلك مراكمة للملفات وتأخيراً لشؤون المتقاضين.