لبنان يخفّض تمثيله في بروكسيل تضامناً مع دمشق

جريدة الأخبار

| فراس الشوفي |

قبل انعقاد الجلسة النيابية غداً لبحث مسألة النازحين السوريين، ردّ وزير الخارجية عبدالله بو حبيب برسالة رسميّة على رسالة نظيره السوري فيصل المقداد الذي اعتبر فيها أن «مؤتمر بروكسيل منصة للهجوم على سوريا».

وأكّد بو حبيب، في جوابه حول الهواجس السورية من التغييب المتعمّد لممثلي دمشق عن المؤتمر، أن «مشاركة لبنان في المؤتمر تنطلق من قناعة بعدم جواز تغييب الدول المعنية بالأزمات أو تلك المتأثّرة بها عن المؤتمرات والاجتماعات والمبادرات المخصّصة لهذه الأزمات»، و«انطلاقاً من هذه القناعة يرى لبنان أهمية دعوة الجمهورية العربية السورية للمشاركة في مؤتمر بروكسيل باعتبارها الدولة الأولى المعنية بأهداف المؤتمر ومخرجاته، لذلك طالب لبنان وسيطالب مرة أخرى بدعوة سوريا إلى المشاركة».

وأضاف بو حبيب «يؤكد لبنان على ضرورة مساعدة النازحين ودعمهم في بلدهم خصوصاً أن الأوضاع الأمنية في سوريا تسمح بعودتهم، من خلال تقديم المساعدات المادية والعينية لهم في وطنهم الأم، بدل تحفيزهم على البقاء في بلدان أخرى، وإطلاق عجلة مشاريع نموذجية بعد تعثّر عملية التعافي المبكر الأممية في تحقيق أهدافها المرجوّة».

وحول إشارة المقداد إلى الموقف السياسي لمنظّمي المؤتمر، قال بو حبيب إن «لبنان الحريص على استقرار سوريا وأمنها ورفاه شعبها الشقيق، يؤكد دائماً على حق الشعب السوري في تقرير مصيره وعلى رفضه وإصراره على عدم التدخل في شؤون سوريا الداخلية. ومن هنا فإن مشاركة لبنان في مؤتمر بروكسيل تشكل فرصة لإعلاء الصوت ومحاولة تغيير المقاربة الدولية للأزمة السورية من خلال فصل موضوع النزوح عن السياسة، وذلك تسهيلاً لاستعادة سوريا عافيتها وعودة النازحين السوريين إلى وطنهم.

فالعقوبات المفروضة على سوريا هي سياسية بامتياز وسبب أساسي للأزمة الاقتصادية الحادّة وتزيد من معاناة الشعب السوري».

وفي ختام الرسالة حاول بو حبيب تبديد الهواجس السورية مؤكّداً أن «لبنان الذي بادر إلى التحاور مع الحكومة السورية في مسألة النزوح السوري إلى أراضيه، حيث لاقى تجاوبكم لحلّ هذه المسألة خلال زيارتنا الأخيرة لدمشق، سيحاول بالتنسيق معكم ومع المجتمع الدولي وضع خطة شاملة وإجراءات عملية تكون كفيلة بتأمين عودة النازحين إلى ديارهم بكرامة وأمان».

تأتي رسالة وزير الخارجية في ظلّ النقاش الرسمي حول مشاركة لبنان في المؤتمر، إذ سُجّل تطوّر لافت مساء السبت الماضي، حيث حُسمت مسألة عدم مشاركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في المؤتمر، بعد اتصال الرئيس نبيه بري برئيس الحكومة وحصول نقاش بينهما حول تمثيل لبنان، واقتراح بري بأن يرأس الوفد وزير الخارجية، كتعبير ضمني عن رفض غياب سوريا عن المؤتمر وموقف الاتحاد الأوروبي تجاه مسألة النازحين في لبنان. وتبلور الموقف مع وضوح الموقف السوري، بعد نقاش بين بري وميقاتي وحزب الله الذي يعتبر التنسيق مع الحكومة السورية في أي خطوة تجاه مسألة النازحين أمراً أساسياً ولا يمكن تجاوزه، وبات واضحاً أن الخطوط العامة للموقف الرسمي اللبناني تؤكد على أمرين أساسيين: التنسيق الكامل مع الحكومة السورية واستفادة السوريين من الأموال المخصّصة لهم في مبادرة الاتحاد الأوروبي الجديدة في سوريا وليس في لبنان.

وأعلن ميقاتي أمس أن بو حبيب هو من سيرأس الوفد، خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي ساندرا دو وال التي أطلعته على التحضيرات لانعقاد المؤتمر، وأبلغها رئيس الحكومة بتفاصيل الوفد اللبناني.

وفيما من المنتظر أن تشهد جلسة الغد النيابية، حفلة مزايدات شعبوية وانتخابية من نواب وكتل نيابية، بعضها كان حتى الأمس القريب يأخذ اتجاهات مختلفة، من المُفترض أن تُعقد جلسة تنسيقية اليوم بين ممثّلي الكتل للاتفاق على الحد الأدنى من الإجماع قبل جلسة الغد، بهدف تظهير موقف لبناني موحّد طالما أن جميع الكتل متفقة على معالجة أزمة النزوح وانكشاف مقاربة الاتحاد الأوروبي.

بين الجلسة النيابية وبروكسيل 8 في 27 أيار، هناك نافذة مهمّة أخرى في سياق التنسيق اللبناني – السوري حيال المسائل المشتركة وعلى رأسها مسألة النازحين في حال كانت المساعي الرسمية جادّة، خلال القمة العربية في البحرين. حيث من المؤكّد أن الوفد اللبناني سيرأسه رئيس الحكومة، فيما سيرأس الوفد السوري الرئيس بشار الأسد. احتمالات انعقاد لقاء بين الوفدين على مستوى وزراء الخارجية أمر شبه حتمي، لكنّ المعلومات قليلة حتى الآن عن احتمال حصول لقاء بين الأسد وميقاتي، خصوصاً أن الأخير حتى الآن لم يكلّف رسمياً أياً من الوزراء المعنيين بالتنسيق مع السلطات السورية حيال مسألة النازحين، بل يكتفي بالتعليمات الشفهية.