| رندلى جبور |
حين تمتلك مليون دولار، يسهل عليك أن تحرق ألفاً منها، ولكن حين لا تمتلك إلا الألف، فإنك لن ترميها كيفما كان.
هذه الحالة الفردية الخاصة تنطبق أيضاً على العسكر.
حين ترسل طهران ثلاثمئة مسيّرة وصاروخ، فقط لتبعث رسالة إلى من يهمّه الأمر، فهذا يعني أنها تمتلك آلافاً مؤلّفة منها، وربما أجيالاً أكثر تطوراً.
لم تكن “بلاد الثورة الاسلامية” لترمي بطائراتها العسكرية في “بحر الظلمات”، لو لم يكن لديها ما يكفي إلى حين حلول “الموعد الكبير”.
ولم تكن لتقذف بصواريخها من دون إصابات مباشرة كبيرة، وعن وعي، تفادياً للمواجهة الإقليمية والعالمية، لو لم يكن لديها منها ما يكفي، إلى حين قرار الاستهداف الفعلي.
إن إيران تعي تماماً ماذا فعلت، وهي حققت أهدافها بالردع، والرد حين يلزم الأمر، ووضع حدّ للتدهور والتهور، والقول للخصوم كما للحلفاء: إن الزمن الماضي حين كان السكوت هو الغالب، قد ولّى، وعصر التخاذل والتعامل الليّن مع الضربات، قد ذهب إلى غير رجعة.
وربما ما أرسلته ايران إلى الكيان لم يكن أكثر من أسلحة قديمة أرادت التخلص منها، للإفساح في المجال أمام استخدام الجديد، وبطريقها قالت بوضوح: أنا هنا وبالمباشر، وذلك بعد الاستيلاء على سفينة إسرائيلية في هرمز، في حدث يجعل هذا المضيق الحيوي هو أيضاً ممسوكاً من اليد التي توجع الاقتصاد الغربي، ومتحكّماً بممر استُخدم يوماً لتنفيذ عمليات أمنية واستخبارية خارج حدود فلسطين.
والسؤال البديهي هو: لو لم تكن إيران تمتلك القدرات التي تفوق ما تظهره إلى العلن، هل كانت لِتُقْدِم؟
والجواب البديهي هو أنه بعد “ليل اسرائيل”، أثبتت القوة الشيعية أنها أيضاً قوة سياسية وعسكرية واستراتيجية وحتى دبلوماسية، لا يمكن بعد الآن المزاح معها!