تستقبل بيروت المبعوث الأميركي الخاص للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين، في ظل غموض يطال ما يحمله هوكشتاين، مقابل ما تقوله مصادر معنية بملف التفاوض لصحيفة “البناء”، إن الرسالة اللبنانية الى مجلس الأمن ستكون حاضرة في حسابات هوكشتاين الذي بات يعلم أنه ما لم تتم عملية ضبط الجنوح الإسرائيلي نحو الإجراءات الأحادية بمنح الامتيازات والتراخيص للتنقيب في المناطق المتنازع عليها خصوصاً في حقل كاريش، وفقاً لما تقتضيه أصول وقواعد التفاوض المتعارف عليها دولياً، فإن لبنان سيتجه قانونياً لبت أمر تثبيت الخط 29 ونصله من كونه خطاً تفاوضياً الى اعتباره خطاً سيادياً لترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان. وهذا يعني استحالة التفاوض حوله أو قبول أية حلول وسط تطاله. وهذا هو حال الخط 23 اليوم، واذا كان لبنان كدولة لا يملك الا المواجهة بالطرق القانونية، فإن الدولة اللبنانية عندما أعلنت الخط 23 خطاً سيادياً لا يقبل التفاوض، وهذا ما ظهر في الإجماع على رفض خط المبعوث الأميركي السابق فريدريك هوف، كانت تدرك أن وراءها مقاومة قادرة على حماية هذا الخط، والأمر نفسه سيحدث عندما يعلن الخط 29 خطاً سيادياً بديلاً، وعندها على العالم الذي يرفض ردع «اسرائيل» عن الاعتداء على الحقوق اللبنانية ان يتحمل تبعات ما سيحدث. وأضافت المصادر ان البديل لتجنب كل ذلك لا يزال متاحاً اذا قام الوسيط الأميركي بما عليه، وصرف النظر عن شعوذة مطالبة لبنان باستبدال ترسيم الحدود بالدخول مع شراكة مرفوضة مبدئياً مع «إسرائيل».
وفيما تردد أن هوكشتاين يحمل في جعبته اقتراحات لحل ملف الترسيم، علمت “البناء” أن الوسيط الأميركي لا يحمل أي جديد في يده، بل الهدف من زيارته استطلاع الوضع وجس نبض المسؤولين وسؤالهم عن موقفهم حيال طرحه خلال زيارته الأخيرة الى لبنان في تشرين الماضي. وأكد مصدر مطلع على ملف الترسيم لـ”البناء” أن «الرسالة التي وجهها لبنان الى الامم المتحدة والتي تعكس توجهاً من رئاسة الجمهورية والموقف الرسمي اللبناني، ستدفع المبعوث الاميركي لإعادة تقييم الموقف وتكتيكاته التفاوضية وأسقطت جميع اقتراحاته السابقة وأعادت التوازن التفاوضي الى الملف لصالح لبنان، وبالتالي عطلت الرسالة البرنامج الاميركي والأحلام الاسرائيلية بقرصنة حقوق لبنان النفطية تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والحصار المالي وسلاح العقوبات»، وأشار المصدر الى أن الأخطر والأهم في الرسالة هو أنها أطلقت يد المقاومة وفتحت لها الطريق كي تتدخل لحماية الثروة النفطية والغازية اللبنانية في جميع الحقول ولردع الاحتلال الاسرائيلي عن البدء بالتنقيب واستخراج النفط في المنطقة المتنازع عنها وتحديداً في حقل «كاريش» الذي يقع ضمن هذه المنطقة.
وحضر ملف الترسيم وزيارة هوكشتاين في قصر بعبدا في اجتماع الرئيس عون ووزير الدفاع الوطني موريس سليم. وتوقعت أوساط سياسية عبر “البناء” أن تستخدم الولايات المتحدة كافة وسائل الضغط السياسية والاعلامية والدبلوماسية والاقتصادية للضغط على لبنان لدفعه للتنازل عن حقوقه، لكن وحدة الموقف اللبناني والتسلح بالمقاومة وقوة الردع التي تملكها وتأكيد حق لبنان بالطرق الدبلوماسية على غرار إرسال رسالة الى الامم المتحدة، تشكل السد المنيع والحصين في وجه كل الضغوط الخارجية.