تصوير: عباس سلمان

لبنان يستنجد بقطر رئاسياً ولودريان يستفسر عن بعد

| غادة حلاوي |

إنّ انسداد الأفق لإيجاد هدنة في الحرب على غزة قريباً انسحبت تداعياته بقوة على الوضع في لبنان، وألقى بثقله مزيداً من الإرباك وزيادة في التأزم على صعيد الملف الرئاسي، بالرغم من أنّ جولة جديدة ستبدأها اللجنة الخماسية قريباً، إذ يسجّل لها إصرارها على الحفاظ على الشكل، ولو أنّ لا دفع حقيقياً لأي خطوات ملموسة بعد. لا يزال السفراء يتحدثون بالمبادئ العامة والمواصفات. جولتهم الجديدة التي يفترض أن تبدأ برئيس مجلس النواب نبيه بري، لم يتفق السفراء بعد على إخراجها. ترفض السفيرة الأميركية ليزا جونسون الانضمام اليهم في زيارة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل. كما يرفض السفير السعودي وليد البخاري الانضمام إليهم في الزيارة إلى المرشح الرئاسي سليمان فرنجية. أما السفير القطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني فقد اشترط وجود أعضاء «الخماسية» مجتمعين في الزيارات، وإلا سيعتذر عن مرافقتهم. خلاف يعكس تبايناً بين أعضاء «الخماسية». وإذا كانت أسباب جونسون مرتبطة بالعقوبات التي تفرضها بلادها على باسيل، فإنّ لتجنّب السفير السعودي زيارة بنشعي أبعادها ويمكن أن تعكس موقفاً بحد ذاتها.

تخفي مواقف السفراء كل على حدة، أنّ «الخماسية» ما زالت في أولى خطوات الملف الرئاسي ولم تقدّم أيّ مبادرة، ولم تتفق على الأسماء، ولم تتداول في شأنها كي لا تظهر خلافاتها إلى العلن.

لكن كانت بارزة زيارة المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل لقطر. وهي ليست المرة الأولى التي يرسل فيها بري موفداً من قبله، متمنياً تحريك الجمود في الملف الرئاسي، لكن الاهتمام القطري يتركز على حرب غزة حالياً.

كان يفترض الإتفاق على الهدنة فتتوقف الحرب أسابيع لتكون فرصة يصار خلالها إلى تحريك الملف الرئاسي الداخلي، لكن يبدو للمطلعين على سير المفاوضات بين «حماس» وإسرائيل أنّ الأخيرة لا تسعى إلى إنجاح الهدنة، ما يعزّز فرضية استمرار الحرب وصعوبة البحث في الملف الرئاسي حالياً، وعلى لبنان إمرار المرحلة وتجنّب التورّط في حرب واسعة مع إسرائيل.

وفي التقييم المحلي، باستطاعة قطر التي تشكّل نقطة تقاطع، المساعدة في الملف الرئاسي، ويمكن لدورها أن يكون فاعلاً بالتناغم مع الأميركي والسعودي على عكس الفرنسي الذي لم يعد مفهوماً ما يسعى إليه. ويمكن فهم زيارة خليل بمثابة عودة إلى مربع قطر وتلمس عودتها إلى تأدية دور يقرّب وجهات النظر. الاهتمام الأول والأبرز للدوحة يتركز حالياً على مفاوضات التوصل إلى هدنة في غزة، ولكن في الوقت عينه لا تزال تستفسر عن إمكانية المساعدة في إجراء حوار هادئ لتأمين انتخاب رئيس كي يتمكن لبنان من مواكبة التطوّرات المضطربة في المنطقة. وتتحدث مصادر نيابية بارزة عن «دفع في اتجاه معين ستقوم به قطر الأقدر على التحرك بالملف الرئاسي حالياً». ولم تستبعد مصادر سياسية زيارة عدد من رؤساء الأحزاب والشخصيات السياسية الفاعلة في الملف الرئاسي قطر في وقت قريب.

وعلى ضفاف «الخماسية» تسعى فرنسا إلى تكرار مساعيها الرئاسية، فموفدها جان إيف لودريان اتصل بالرئيس بري، مستفسراً عن إمكانية التحرك باسم «الخماسية». لم يخرج الفرنسي عن طور المحاولات كمن يدور في الحلقة المفرغة ذاتها، أي المواصفات والأدوات ولا شيء جديّاً حتّى الآن.

في هذا الوقت لم يتسلم تكتل «الاعتدال الوطني» النيابي جواب «حزب الله» على مبادرته التشاورية. ولم يكن ما قاله بري بالأمس جديداً على مسامع نواب التكتل، وقد سبق وسمعوه من المعاون السياسي لبري، كما في أولى جولاتهم. النتائج غير المشجّعة التي مُني بها التكتل ستحاول «الخماسية» تلافيها، وهي تسعى للتحرك انطلاقاً من موقع الدول الممثلة فيها.

اذاً هي عودة إلى قطر لصياغة مسعى رئاسي يستعيد المبادرة. ونقل خليل حصيلة ما شهده الملف الرئاسي في الأيام الماضية، وصولاً إلى زيارة الموفد الأميركي. كان الغرض استعراض دور الدول وسعيها والعمل على أن تعيد قطر دفع محركاتها نحو ملف الرئاسة في لبنان. ولكن استقطاب غزة الاهتمام يجعل لبنان في الصفوف الخلفية ما لم تتفق إيران وأميركا والسعودية وتتولى قطر عملية الإخراج.