باريس تقدّم خدماتها لضمان أمن “إسرائيل”: مدير المخابرات الفرنسية في بيروت

جريدة الأخبار

| ميسم رزق |

بفارق أيامٍ قليلة، غادر مسؤول فرنسي بيروت ليصل مسؤول آخر، وكأنّ لدى باريس مهمة مُلحّة في لبنان. عندما وصل جان إيف لودريان الأسبوع الماضي، لم يربط أحد الزيارة بالملف الرئاسي، لعدم وجود مؤشّرات إلى حلول سريعة. كانت القناعة المشتركة بين الجميع أن ما يحمله الموفد الفرنسي مرتبط بالحرب على غزة والتطورات على الجبهة الجنوبية إلى جانب تكرار رسائل النصح. وقد تبيّن أن لودريان جاء ممثّلاً لـ«الخماسية + 1» (أميركا وفرنسا ومصر وقطر والسعودية ومعها إسرائيل)، حاملاً مطالب بتنفيذ القرار 1701 وإنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان (بين خط الليطاني والخط الأزرق) لتطمين سكان المستوطنات الشمالية في فلسطين المحتلة ممن يخشون العودة إلى مستوطناتهم بسبب وجود حزب الله على الحدود.

بين إدراك العدو الصهيوني لكلفة الحرب على حياة جنوده وأمن مدنه ومستوطناته، وتعطّشه إلى نصر حقيقي وملموس، يواصل إرسال تهديداته عبر القنوات الدبلوماسية للضغط من أجل خلق واقع ميداني جديد يفرض على المقاومة ما لم يتحقق بعد عدوان تموز 2006. ويبدو أن باريس هي من تتصدّر نقل رسائل التهديد. فقد كشفت مصادر بارزة أن مدير المخابرات الفرنسية برنار إيمييه ومعه خمسة مسؤولين موجودون في بيروت في زيارة سرية، وسيغادرونها اليوم من دون أن يُعرف لماذا أتوا وهل التقوا جهازاً أمنياً أو دبلوماسياً أو جهات سياسية، مع ترجيح أن مهمة إيمييه هي استكمال لجولة لودريان.

ورغم التكتّم على الزيارة، قدّرت المصادر أن الرجل جاء حاملاً الرسالة نفسها، خصوصاً أن وسائل إعلام إسرائيلية كشفت قبلَ أيام أن «تل أبيب سخّرت باريس للعمل ضد حزب الله». وأعادت المصادر التذكير بكلام لودريان في بيروت وتأكيده أمام من التقاهم أن «على السلطات اللبنانية تطبيق القرار 1701»، مهدّداً بـ «تطبيقه بالقوة من خلال تعديله في مجلس الأمن أو اللجوء إلى الفصل السابع لفرضه وإنشاء المنطقة العازلة بعمق 30 كيلومتراً». وكشفت المصادر أن الفرنسيين تحدّثوا بالتفاصيل، لكنهم «لم يعرضوا خطة واضحة تتعلّق بنوع أو حجم انتشار حزب الله جنوب الليطاني، إنما عرضوا بعض الأفكار»، معتبرة أن «فرنسا تتولّى الجهد الدبلوماسي في ما خصّ تطبيق القرار باعتبار أنها أحد الأطراف التي صاغته عام 2006». ومن ضمن الأفكار التي جرى التداول بها في الأوساط الدبلوماسية وتولّى بعض المبعوثين الأوروبيين نقلها إلى لبنان، الحديث عن «فصل» قوات «الرضوان»، أي قوات النخبة في حزب الله عن أي قوات أخرى تابعة للمقاومة، مع طرح سحب هذه القوات بعيداً عن الحدود الجنوبية، من دون الاعتراض على وجود قوات أخرى ذات طابع دفاعي في الجنوب. وبحسب مصادر اطّلعت على هذه المداولات فإن المبعوثين الغربيين سمعوا إجابات واضحة في بيروت بأن «كل الحزب رضوان».

ووضعت المصادر زيارة إيمييه في إطار «تعاظم الضغوط على لبنان والمقاومة لإعادة ترتيب وضع المنطقة الحدودية التي يصعب أن تعود إلى ما كانت عليه قبل 7 تشرين الأول الماضي»، لافتة إلى أن «العدو الصهيوني يرمي بالونات اختبار عبر الفرنسيين، ليراقب رد فعل المقاومة عليها ومدى تجاوب السلطات اللبنانية مع هذا المطلب، وما إذا كانت هناك أرضية سياسية تسمح بالضغط على الحزب من خلال استخدام خصومه الداخليين الذين بدأوا فعلاً حملة مواكبة للهجمة الخارجية من خلال المطالبة أيضاً بتنفيذ القرار 1701، وفي مقدّمهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وجعل المنطقة الواقعة جنوب الليطاني خالية من السلاح والمسلحين، فضلاً عن نشاط تقوم به قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفل) يصبّ في الهدف ذاته». وباعتبار أن إيمييه كانَ أحد أعضاء خلية «الإليزيه» التي أُوكلت إليها مهمة حل الأزمة اللبنانية وكان الخلاف بين أعضائها أحد أسباب فشلها، توقّعت المصادر أن يتطرّق الرجل خلال اللقاءات التي سيعقدها إلى مناقشة الملفات السياسية، من بينها رئاسة الجمهورية والتمديد لقائد الجيش، تماماً كما فعل لودريان.