| علاء حسن |
لخص الأمين العام لحزب الله المشهد في فلسطين بين عنوانين رئيسيين: استهداف المدنيين والجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني تجاه اهلنا في غزة. والعنوان الثاني هو التصدي البطولي للمقاومين في فلسطين لهذا العدوان بمختلف أهدافه التي أعلنها طوال مدة الحرب منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
وقد رسم السيد نصرالله المشهد الآتي وفق هذين العنوانين، فمن ناحية قدم تقريراً مفصلاً عن عمل حركات المقاومة في المنطقة، وربط استمرار عملياتها بتوقف المجازر والإبادة التي يرتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزة، ومن جهة اسند المهمة الأساس في مواجهة مشاريع الصهيو أميركية إلى المقاومين في قطاع غزة واصفاً إياه “بالحاسم لدرجة كبيرة في مسار الأمور”، وبالتالي فإن الرهان عليه كما وصف الأمين العام لحزب الله.
وعلى ذلك فإن الكلمة التي ألقاها في ذكرى “يوم شهيد حزب الله”، أتت لتثبت مجموعة من الأمور وفق التفصيل التالي:
أولاً – ليقول أن المعركة الحالية حولت الكيان الصهيوني الذي كان يدعي قدرته على مواجهة الجيوش العربية مجتمعةً، إلى كيان عاجز لغاية الآن من كسر فصائل المقاومة الفلسطينية المحاصرة أساساً والمتعرضة للقصف الجوي منذ شهر. ما يعني انكساراً استراتيجياً كبيراً للكيان حتى ولو خرج منه منتصراً لا قدر الله.
ثانياً – إن ثمن البقاء والصمود، مهما علا، فإنه يبقى أقل من ثمن الرضى ببقاء المحتل، وإننا كشعوب منطقة، ومن حيث أنه لا يوجد لدينا ميزان قوة مادي يعادل القوة الصهيونية المدعومة بالوجود الأميركي والغربي، فإننا نقاتل بلحمنا الحي كما فعلنا خلال السبعين سنة ونيف الماضية، وأنه لم يتغير شيء لا من الإجرام الصهيوني ولا من “أن عطاء الدم ثمن الحرية”.
ثالثاً – إن قرار المعركة قد اتخذ سياسياً وهو ما عبر عنه في أن “الميدان هو الذي يفعل وهو الذي يتكلم”، وقد أراد الأمين العام لحزب الله القول أنه لم يعد من المجدي مراجعتنا فيما نفعل أو ما سوف نفعل، بل اذهبوا وأنهوا القتال حتى تهدأ الساحات الأخرى. وفي هذا السياق تشير المعلومات إلى أن قراراً قد اتخذ يقضي بالشروع في البيانات التي تصدرها المقاومة الاسلامية في لبنان بعبارة: “دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وتأييداً لمقاومته الباسلة والشريفة”، ما يعني أن بنك الأهداف الذي كان يمكن أن يهدد لبنان في عملية مباغتة قد انتهى وتم تدميره، وأن استمرار هذه المعركة مرهونة باستمرارها في قطاع غزة.
رابعاً – وكعادته، رد على المثبطين والمشككين فيما يقوم به أطراف محور المقاومة دون الحاجة إلى النزول في مستوى خطابه، وهو قد ألقى الحجة في قدرة كل طرف وبحسب ظروفه في مساندة الفلسطينيين، الأمر الذي يعني أنه على المشككين البحث عن الأطراف العربية والاسلامية الأخرى لدعم غزة.
أخيراً يمكن القول إن موقف الأمين العام لحزب الله جاء رداً على التهديدات الأميركية لكل الأطراف في محور المقاومة وللقول إن في جعبة هذا المحور المزيد من المفاجآت والمزيد من إرادة القتال، فضلاً عن المزيد من القدرة على الصمود والاستمرار.
بالتالي، وتأكيداً على خطابه يوم الثالث من تشرين الثاني الماضي، فإن في حسابات الربح بالنقطة التي عبر عنها حينها، فإن استمرار المعركة الحالية لن تؤدي إلا إلى المزيد من الفشل في تحقيق الأهداف الصهيونية، وإلى المزيد من التخبط في تغيير الاستراتيجيات لمواجهة غزة، الأمر الذي يعني تراكم الرأي العام المؤيد لفلسطين والمعترض على الكيان عالمياً، وهو ما يعني أيضاً وفي ذات السياق، ضرب الاقتصادات الكبرى بالتدريج نتيجة للوعي الحاصل لدى الشعوب. وهذا ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى الشعور بعدم جدوى البقاء وتحرير فلسطين، الأمر الذي لم يعد حلماً كما في السابق بل أصبح مسألة وقت، وما النصر إلا صبر ساعة.