| زينة أرزوني |
بُعد سياسي قد يصل إلى انقسام حاد داخل الطائفة السنية، بدأ يطغى على الخطوة المفاجئة لوزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي بشأن عزمه إعطاء الإذن بملاحقة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.
بدأت الإصطفافات تتشكل، والمدافعون عن كل طرف “شمروا عن سواعدهم”، وبدأوا يكيلون الاتهامات لبعضهم البعض.
الطرف المدافع عن عثمان، اعتمد في “مرافعته” أمام الرأي العام، على إظهار مولوي أنه يستغل هذه القضية لتقديم “أوراق اعتماد” كرئيس للحكومة في المستقبل، محاولاً إرضاء “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” عبر التلويح بـ”قميص عثمان”، وأنه قادر على زج اللواء عثمان في السجن بتهم فساد.
هذه الهجمة قادها “تيار المستقبل”، وشن هجوماً عنيفاً على مولوي عبر موقعه الالكتروني، متّهماً وزير الداخلية بأنه “استمع جيداً إلى نصائح مقربين من حوله، هم عبارة عن خبراء محلّفين بالأفكار الشيطانية، وفي مقدمهم العميد الياس الخوري اللصيق الدائم بحزب الله والوطني الحر، بحيث تحول الوزير الطامح إلى مجرد وزير داخلية للحزب والتيار”، معتبراً “أن الوزير الفعلي للداخلية هو الياس الخوري شخصياً، الذي يتهم أو يفصل أو يوقف الضابط الذي يريد إذا عصى أوامره، رغم الروائح (المالية) التي أحاطت بإسمه إبان الانتخابات النيابية الأخيرة من دون أن يجرؤ الوزير الطامح على توجيه أي سؤال إليه”.
نشر الغسيل والفضائح لم يقف عند هذا الحد، بل وصل إلى اتهام “المستقبل” لوزير الداخلية بأنه “يغض الطرف عن سمسرات الفوميه والموافقات ونقل الرمول في وزارة الداخلية”، ونصحه بـ”ترك طريق السراي للصدفة”.
الحملة طالت أيضاً رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فقد اتهمه مدافعون عن عثمان بأنه يقف خلف مولوي بما يقوم به، كما اتهموه بأنه “يسعى إلى تثبيت نفسه رئيساً للحكومة في المرحلة المقبلة، وأن باستطاعته وراثة الحريرية السياسية وفرض نفسه على أبناء الطائفة السنية زعيماً بالقوة”، معتبرين أن ميقاتي “رضخ لضغوط مولوي بشأن تغييب عثمان عن اجتماع اللجنة الوزارية الموكلة بمعالجة ملف النازحين بمشاركة كل قادة الأجهزة الأمنية”.
هذه الضجة المثارة سياسياً وإعلامياً، لم يصل صداها إلى القضاء حتى اللحظة، فالنيابة العامة التمييزية لم تتسلّم أي كتاب من وزير الداخلية يمنح فيه الإذن بملاحقة المدير العام لقوى الأمن الداخلي.
وتستبعد أوساط قضائية أن تجري ملاحقة عثمان، خصوصاً أن القضاء اللبناني يخضع للتركيبة السياسية الحزبية الدينية، ولا يتحرك في الملفات الكبرى إلا بغطاء من المرجعيات، كما أن القادة الأمنيين يحظون بغطاء كبير من مرجعياتهم الدينية والحزبية، وسبق لهم أن رفضوا تنفيذ مذكرات بملاحقة مسؤولين مُدعى عليهم بقضايا عدة، أبرزها انفجار مرفأ بيروت.
في المقابل، هناك رأي آخر يشير الى أن إعلان وزير الداخلية الذي يمثل الإدارة المسؤولة عن المدير العام لقوى الأمن الداخلي، منح الأذونات لملاحقة عثمان بقضايا مرتبطة بوظيفته، يعني أن القضاء سيتحرك ولن تكون الحصانة حاجزاً مانعاً.
فهل سنشهد في الأيام المقبلة استدعاء لعثمان والتحقيق معه؟ أم سنشهد تحركات في الشارع رافضة لاستضعاف قوى الأمن الداخلي وضرب هيبتها، بعدما تضع المرجعيات الروحية والسياسية خطوطاً حمراء تحت الإسم التي تدافع عنه وتغطيه، كما جرت العادة مع تحريك اي ملف في لبنان؟
أم أن هذه الأزمة سيتم العمل على احتوائها وحلها من “العقلاء”، كما درجت العادة، على اعتبار أن الوقت غير مناسب لتصفية الحسابات الشخصية، ليبقى المواطن متفرجاً على كل المسرحيات التي يعلم ببدء عرضها ولا يعلم متى تنتهي؟