«رجا أبو عسلي هو أهم شخص بالنسبة إلى رياض سلامة. هو كاتم أسراره منذ أن كان يعمل معه في شركة «ميريل لينش»، ثم انتقل معه إلى مصرف لبنان بعد تعيينه حاكماً، ونفّذ كل الأعمال التي لا يثق سلامة بأحد غيره للقيام بها».
هذا التوصيف يجمع عليه كل من تعامل مع مصرف لبنان، سواء من موقع الإدارة الرسمية في رئاسة الحكومة أو وزارة المالية أو أيّ إدارة أخرى، وصولاً إلى القطاع الخاص، ولا سيما المصارف وسائر المؤسسات المالية.
رجا أبو عسلي شخصية محنّكة، وهذا واضح من كلامه أمام المحققين في لبنان. فإجاباته كلّها قصيرة ومقفلة لأنها مربوطة بالقانون والموقع الوظيفي. لا يجيب خارج هذا الإطار. لا يثرثر. غير أنه، رغم كل الاحتياطات التي اتّخذها في مجال عمله نيابة عن رياض سلامة، لم يتمكن من إزالة شكوك المحققين حيال ما اعتبروه كلاماً مزيفاً.
كاد محقّقون من لبنان وأوروبا أن يضيعوا في الحوار مع رجا أبو عسلي. الرجل الخبير في تنفيذ العمليات المالية، لم يكن يسمح لنفسه باتخاذ أي قرار. بل كان على الدوام، كما تعرّف إليه رياض سلامة قبل وصولهما إلى مصرف لبنان، شاباً نشيطاً وذكياً وسريعاً في تنفيذ المهام التي كانت توكل إليه من خلف الستارة.
أبو عسلي لم يكن يكتفي بعمله المعلن مع مصرف لبنان. وهو لم يكن أصلاً ليرضى بالدخل الذي يوفّره له منصبه الرفيع. بل كانت لديه على الدوام علاقات بعيداً عن أعين المتطفّلين، والخبرة التي تتيح له إدارة عمليات مالية في أسواق المال والأسهم والسندات. وهو، بسبب عمله في مصرف لبنان، بنى شبكة من العلاقات القوية مع المصارف في لبنان، ومع معنيين بالمحافظ المالية خارجَ لبنان.
لم يكن أبو عسلي شخصاً غير مرغوب به في المصرف المركزي… صحيح أنه «رجل الثقة» عند الحاكم، لكنّ نفوذه كان يتّسع لقدرته على حمل توقيع الحاكم إلى من يجب أن ينفّذ التعليمات. كان هو من يعدّ القرار، ويكتبه، ثم يحمله إلى الحاكم الذي يثق به فيوقّعه، وبعدها ينتقل أبو عسلي حاملاً السيف البتّار إلى حيث لا يجرؤ أحد على المعارضة.