/ محمد حمية /
أثار ما ذكرته قناة “12”، “الاسرائيلية”، حول موافقة الولايات المتحدة الأميركية على اتفاقية لتوريد الغاز “الاسرائيلي” الى لبنان، بلبلة واسعة لدى الأوساط السياسية والشعبية، لما يحمله هذا الكلام من اعلان لتطبيع اقتصادي لبناني – سوري مع “اسرائيل”.
وفيما انتشر خبر “القناة” كالنار في الهشيم الاعلامي وجرى تسويقه على نطاق واسع بمشاركة وسائل اعلام محلية وعربية لأغراض سياسية مبيتة، سارعت وزارة الخارجية الأميركية لنفي “صحة التقارير عن رعاية واشنطن صفقة في مجال الطاقة بين لبنان وإسرائيل”، فيما نفت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية الأمر، مؤكدة أن “اتفاقية توريد الغاز إليه تنصّ على أنه مصري وليس إسرائيلياً”، ولفتت إلى أن “اتفاقية تزويد الغاز التي يُعمل عليها بين الحكومة اللبنانية والحكومة المصرية، تنص بشكل واضح وصريح على أن يكون الغاز من مصر التي تمتلك كميات كبيرة منه”.
وفيما لم يصدر عن الحكومة ووزارتي الطاقة والخارجية المصرية أي تعليق، لم تتوقف الحملة الاعلامية المحلية رغم النفي الاميركي واللبناني، إلا أن نواباً على معرفة بموقف “حزب الله” نفوا عبر موقع “الجريدة” صحة المزاعم “الاسرائيلي”، ووضعوه في إطار التشويش “الاسرائيلي” لتحقيق أحد هدفين:
الأول، اتهام “حزب الله” بأنه مرّر هذا الاتفاق، ولو جرّ لبنان الى التطبيع الاقتصادي، وإحراجه أمام بيئته الشعبية.
الثاني، دفع الحزب لاستعمال “الفيتو” لتجميد الاتفاق وإسقاطه لأنه يأخذ لبنان الى التطبيع، وبالتالي استمرار تخبط لبنان بأزمة الكهرباء والمحروقات واتهام “حزب الله” بإجهاض الاتفاق، فضلاً عن مصلحة العدو الاسرائيلي الايحاء بأن لبنان شرع في التطبيع مع “إسرائيل” من البوابة الاقتصادية ـ النفطية، وذلك في سياق هرولة دول عربية وخليجية عدة للتطبيع.
وأكد هؤلاء النواب أن نفي وزارة الطاقة في لبنان ووزارة الخارجية الاميركية، هو أبلغ رد على الادعاءات الاسرائيلية.
وكشفت أوساط مطلعة لموقع “الجريدة” أنه، وخلال المباحثات والمفاوضات التي أجراها وزير الطاقة اللبناني مع وزراء الطاقة المصري والاردني والسوري قبل توقيع الاتفاقية، والتي عرضت نتائجها على مجلس الوزراء، لم تتضمن أي حديث حول الغاز الإسرائيلي، وكان شرط لبنان وسوريا أن لا يكون للإسرائيلي أي علاقة بهذه الاتفاقية. كما كشفت أن “الاسرائيلي” سعى جاهداً بكافة الوسائل، بالتعاون مع الاميركيين، لجر لبنان إلى التطبيع النفطي، إن عبر استجرار الغاز “الاسرائيلي” من مصر، أو عبر تكليف شركة لاستثمار مشترك للبلوكات الحدودية.
إلا أن النواب العارفين بموقف “حزب الله” جزموا بأنه “لم ولن يوافق على أي اتفاق يُشتم منه رائحة التطبيع، ولو كان سيؤدي الى حل أعقد وأكبر الازمات في لبنان، أي أزمة الكهرباء التي ترتب 2 مليار دولار عجز سنوياً”. وشددوا على أن “الحكومة أجرت اتصالات مع الحكومة ووزارة الطاقة المصرية وأكدت لها بأن الغاز منشأه مصري ولا يختلط بالغاز الاسرائيلي”. وشدد هؤلاء النواب على أن “الحزب لن يسمح بتمرير أي اتفاق بهذا الشأن، وسيمنع قبوله في مجلس الوزراء”.
وتكشف مصادر مطلعة على هذا الملف لموقع “الجريدة” أن “المفاوضات التقنية للبدء بنقل الغاز الى لبنان، شارفت على نهايتها بين الدول الثلاث، مصر والأردن وسوريا”، لكنها توقفت عند الأسئلة الـ 9 التي تضمنتها الرسالة الأميركية (استثناء الاتفاقية من قانون قيصر)، الى الحكومة اللبنانية وما تُخفيه من امكانية لعرقلة الاتفاق في اللحظات الأخيرة. وتساءلت: “هل هذه الأسئلة بمثابة سقف تفاوضي لمزيد من الضغط الاميركي لانتزاع مكاسب سياسية وأمنية من الحكومة اللبنانية تتعلق بترسيم الحدود البحرية، لا سيما وأن المعادلة الأميركية التي كانت تطرح في الغرف المغلقة خلال المفاوضات مع الجانب اللبناني هي: استجرار الغاز والنفط من مصر والاردن عبر سوريا والفيول العراقي وتأمين حاجته من الطاقة، مقابل تخلي لبنان عن استخراج الغاز من بلوكاته، أو على الاقل التنازل عن الخط “29” اضافة الى توقف “حزب الله” عن استيراد الطاقة من إيران.
وما يعمق الشكوك هو توقيت صدور الرسالة الأميركية، والتي جاءت متزامنة مع الزيارة المرتقبة للوسيط الاميركي في ملف ترسيم الحدود آموس هوكشتاين الى بيروت، خلال اليومين المقبلين!