الموارنة.. بين منطق الراعي ومنطق جعجع؟

| مرسال الترس |

الموارنة، ومعهم معظم المكونات المسيحية الأخرى في لبنان، هم في أزمة قناعات باتت تنعكس على مستقبل وجودهم على هذه الأرض، التي اختارها أجدادهم واحة من الاستقلالية المرتبطة بحرية مصحوبة بسيادة يعملون على توفيرها عندما تتاح لهم الظروف.

ولكن التشرذم في آراء قياداتهم وزعمائهم، المنبثق من مصالح آنية، دفعهم إلى التناحر الدائم على مسائل جوهرية، والتناقض إلى حد الوقوف على حافة الهاوية من دون تقدير ما يمكن أن يحصل للمجموعة التي اعتبرت هذه القطعة المحدودة من الأرض جزءاً من ديمومتها، على الرغم من الانتشار الواسع على مساحة الكرة الأرضية.

ففي سبعينات القرن الماضي، اختلفوا على وجه لبنان إذا كان عربياً أو غربياً، وظنّ بعضهم أنه يمكنه أن يحكم من خلال إلغاء الآخرين، فوقع في معصية ما تزال آثارها ممتدة حتى اليوم.

وفي أواخر ثمانينات القرن الماضي، تصارع الأخوة على الحل العربي، فسالت الدماء في كل البيوت ليخرج الجميع خاسرين، بعضهم في المنفى، وآخرين في السجن، من دون أن يستطيع أي منهم أن يحقّق ولو نقطة إيجابية واحدة.

اليوم يحاول كثيرون أن يقدمون لهم النصيحة بالسير في منطوق الدولة، وإن لم تكن مثالية. وفي هذا السياق يحذّر البطريرك الماروني بشارة الراعي من أن المنطقة “أمام نظام إقليمي جديد يثير المخاوف والقلق، ولذلك يجب الابتعاد عن المغامرات”، مشدداً على وجوب “انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع ما يمكن، لأنه الضامن لإحياء المؤسسات الدستورية والإدارات العامة، والمحافظة على صيغة العيش معاً بغنى التنوع الثقافي والديني”. ويقول في مجالسه الخاصة وأمام العامة: “لا نفرّق بين ماروني وآخر، فالجميع أبناء الطائفة، والمهم خروج البلد من المأزق، فلماذا هذا التهشيم ببعضكم البعض، وماذا ستجنون من بلد لم يبق منه الاّ الهباء؟!”.

في غضون ذلك يشكك رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بما يقوم به رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، ويعتبر أن ما يقوم به “غشّ بغشّ”، ويقابله باسيل بأكثر من المثل ويتهمه بالسعي للاستئثار بكل ما هو مسيحي، ولذلك فهو يحرّض بكل الاتجاهات لرفض أي خطوة لا تصب في ما يرسمه مع من يسميهم معارضة.

وبين هذا وذاك، يتساءل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله: “هل هناك مصلحة للمسيحيين بالذهاب إلى الحرب الأهلية مجدداً؟”، مؤكداً لهم أن “التقسيم لن يحصل طالما هناك دم ينبض في عروق المقاومة”.

فهل الموارنة والمسيحيون الآخرون بصدد اتخاذ القرار الصائب؟ أم أنهم ينتظرون من سيربح في المعركة التي يؤكد أكثر من خبير أنها لن تكون لصالحهم؟