أدّت برقية الفصل (تشكيلات) التي وقّعها قبل أيام مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان إلى توسيع فجوة الخلاف بين الأخير ووزير الداخلية بسام مولوي. التشكيلات المفترض أن تكون روتينية ومن صلاحيات المدير العام فجّرت خلافاً كامناً بين الطرفين والذي توّج تراكمات سلبية في العلاقة انتهت بعدم معايدة اللواء عثمان لوزير الداخلية بالعيد في تكريس واضح للقطيعة بينهما. فعشية عيد الأضحى أصدر عثمان برقية فصل شملت 23 ضابطاً عيّن خلالها العميد بلال الحجار مساعداً أول لقائد المعهد بعد إحالة العميد معين شحادة إلى التقاعد، والعميد علي سكينه مساعداً أول لقائد الدرك الاقليمي. وقائد المعهد (موقع سنّي) وقائد الدرك (موقع ماروني) هما من قادة الوحدات في مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي الفاقد نصابه بسبب عدم إصدار مراسيم تعيينات بالأصالة عن مجلس الوزراء. وفق معلومات “نداء الوطن” قادت برقية الفصل إلى توتّر الأجواء جداً بين مولوي وعثمان للأسباب التالية:
– إصدار برقية الفصل تلا إعادة وزير الداخلية مراسيم أرسلها عثمان إلى الداخلية لتوقيع الوزير عليها، وبالتالي رفضِها بسبب إلزام اللواء عثمان وزير الداخلية بالأسماء فيها من دون أي تنسيق كما يحصل عادة، طالباً منه التوقيع فقط، فيما المادة 10 من قانون 17 (قانون قوى الأمن الداخلي) تنصّ على الآتي: “يخضع المدير العام لقوى الأمن الداخلي لسلطة وزير الداخلية ويتولّى الاضطلاع بأعباء المديرية العامة والإشراف على جميع عناصر قوى الامن الداخلي ومراقبتهم وتنسيق أعمالهم”. كما نصّت المادة نفسها على أنّ “المدير العام يُعيّن ويُصرَف بمرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير الداخلية”.
– تزامنت برقية الفصل مع إجراء غير مسبوق، قام به عثمان إذ أصدر برقية تحت عنوان “ضرورات الخدمة” فَصَل من خلالها “شعبة المعلومات” عن رئاسة الأركان، التي تتبع لها الشعبة قانوناً، وربطها “بصورة استثنائية باللواء المدير العام من تاريخ 28 حزيران ولغاية صدور أمر معاكس”.
بتأكيد مصدر مطلع، هَدَف هذا الإجراء إلى إزاحة جميع الضبّاط الأعلى رتبة من مدير مكتب اللواء عثمان، العميد جهاد أبو مراد لتمكين الأخير من استلام موقع رئاسة الأركان (موقع أرثوذكسي) بالوكالة تمهيداً لتعيينه بالأصالة بمرسوم في مجلس الوزراء إذا جرت التعيينات العسكرية. هكذا بموجب البرقية التي أصدرها عثمان وألحقت “الشعبة” بالمدير العام لم يعد رئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود رئيساً للأركان بالوكالة، وهو موقع يشغله منذ نحو سنتين منذ إحالة العميد نعيم الشمّاس إلى التقاعد، فاتحاً الطريق أمام تعيين مدير مكتبه جهاد أبو مراد رئيساً للأركان بالوكالة بداية ثم بالأصالة. لكن برقية الفصل لم تمرّ على خير. فقد استنفر وزير الداخلية معتبراً أنّ المدير العام تجاوز صلاحياته وخَرَق القانون بشكل فاضح مهدّداً باتّخاذ إجراءات بحقه يجيزها له قانون قوى الأمن الداخلي إذا لم يتراجع عن البرقية التي فَصَلَ من خلالها عثمان شعبة المعلومات عن رئاسة الأركان التي تتبع لها قانوناً 11 شعبة. أكثر من ذلك، اختار عثمان مدير مكتبه العميد أبو مراد رئيساً للأركان، وهو موقع أرثوذكسي، من دون استشارة المراجع المسيحية كما يحدث عادة في شأن تعيين كبار الضباط، كذلك عيّن بلال الحجار من دون إجراء مروحة اتصالات تطال المرجعيات السنية. وحيّد العميد حمود عن رئاسة الأركان بالوكالة في سياق إجراء ربطه كثيرون بحساسية عثمان العالية جداً تجاه رئيس “شعبة المعلومات” التي كرّست في السنوات الماضية مساراً نوعياً في الإنجازات الأمنية. كما رَبَط البعض خطوة عثمان بسلّة الخيارات التي ستحكم تعيين مدير عام قوى الأمن الداخلي بعد إحالة عثمان إلى التقاعد في أيار المقبل. لكن مطلعين يجزمون أنّ مثلث نجيب ميقاتي- بسام مولوي- عماد عثمان يشهد منذ فترة خضّات صامتة تحكمها اعتبارات سنّية ضيّقة حيث تُسمع في كواليس هؤلاء جملة من المآخذ بحق بعضهم البعض.