/ فاطمة جمعة /
تحولت رحلة سائح لبناني في تركيا إلى مأساة، وبعبارة “سوء فهم” أصبح قضية رأي عام لم تجلب له سوى الشتم والتهديد بالقتل من قبل الشعب التركي.
سافر “البلوغر” بوب هركل لقضاء عطلته في جولة على عدة مدن تركية، وأثناء تواجده في شارع تقسيم، أوقفه شخص تركي وقال له: “نسوان بـ100 دولار”، فما كان من هركل إلا أن بدأ بتسجيل فيديو على منصة “تيك توك”، وردّ عليه بالقول: “النسوان لا تُقدّر بثمن!”.
شارك أحد الأشخاص مقطع الفيديو عبر حسابه على منصة “تويتر”، وكتب عليها: “هذا الشاب لبناني يقول أن نساء تركيا يبتاعون بالأموال”، الأمر الذي أثار غضب الشعب التركي، فشنّ حملة كبيرة ضده تحت وسم “#نساؤنا_لا_تُقدّر”، معتبراً أن كلام هركل مسيء للمرأة التركية.
تداعياً لذلك، نشر “البلوغر” بوب مقطع فيديو جديد على “تيك توك”، يوضح فيه حقيقة ما حصل وسوء الفهم الذي نقله مشارك الحدث على “تويتر”، مؤكداً أنه لم يسئ للمرأة التركية بل كان يدافع عنها، وعن المرأة على وجه العموم.
غير أن الفيديو التوضيحي هذا لم يخفّف من احتقان الشعب ـ الذي لم يفهم ـ أو تقصّد عدم فهم موقف هركل ودفاعه عن نفسه، ما دفعهم إلى تهديده بالقتل وملاحقته في الشارع.
وفي أحد مطاعم تقسيم، ألقت عناصر الشرطة التركية القبض على هركل، وعاملوه بطريقة لا أخلاقية ولا تمت لاحترام السائح بصلة، كما قيدوا يديه بعنف وطرحوه أرضاً، وشتموه وبصقوا بوجهه أثناء اقتياده إلى مخفر المدينة وصولاً إلى مثوله أمام المدعي العام.
أخبرته عناصر الشرطة عن إطلاق سراحه بعد ساعة، لكنهم لا يفهمون اللغة العربية ولا الإنكليزية، ولدى اعتراض هركل الذي لا يجيد التركية، قالوا له: “لا نريد أن نفهم”، كما رفضوا طلب مترجم لمساعدته في شرح موقفه من الإشكال.
بعد ساعات من احتجاز “البلوغر” تحت ظروف بالغة السوء، تم تحويله إلى المحكمة حيث طلب هناك بتوكيل محامٍ لقضيته، وكذلك مترجم، وقد سمح له مدعي إسطنبول بالخروج، لكنه قرر منعه من السفر واحتجازه في تركيا ومصادرة جواز سفره، بانتظار انتهاء التحقيقات في الحادثة بشكل اكبر.
لم يقتنع مدعي إسطنبول بدفاع هركل، كما لم يضمن حمايته أقله، حيث أنه لدى خروجه من المحكمة لاقته مجموعات تركية وتهجمت عليه بالضرب والشتم، ففرّ هارباً على وجه السرعة من دون أغراضه وحقائبه، وانتقل إلى مرماريس.
خسر هركل أمواله وتذاكره التي قطعها للسياحة في مدن أخرى، بل تحولت إلى سياحة قضائية بين المخافر، وهو يؤكد أن ما حصل “مجرد سوء تفاهم من دون قصد، ولديه عائلة وأعراض يخاف عليهم”. ويطالب أيضاً السلطات اللبنانية والجهات المعنية في الدولة، للتدخل في معالجة قضيته وضمان حمايته حتى عودته إلى لبنان.
قضية “البلوغر” بوب لا ترمز إلا للعنصرية والحقد تجاه العرب، فأين الديموقراطية من حرمان مُدعى عليه من إحضار مترجم؟ وأين العدالة من عدم حمايته وتعريضه للتهديد والشتم، في حين أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته؟