يوم ملوكي قريب من الامبرطوريعاشته بريطانيا والعالم بتتويج الملك تشارلز الثالث على عرش بريطانيا، وقد نقلنا وقائع الاحتفالات على الهواء مباشرة طوال هذا اليوم التاريخي.
أما التاريخ اللبناني المحلي فيدون الأسبوع الأول من الشهر السابع ولبنان من دون رئيس للجمهورية فيما السؤال الآن: هل انفتحت المسارات الجدية لتأمين مخرج أو إخراج لاستحقاق الانتخاب الرئاسي اللبناني من عنق الزجاجة الخانقة للاستحقاق ومتفرعاته وأولها تأليف حكومة تعمل مع الرئيس العتيد من أجل الإنقاذ؟ الجواب على هذا السؤال سيتبلور في الاسابيع القليلة المقبلة وليس في الأشهر المقبلة بحسب ما بدأت تتحدث به أوساط سياسية واسعة الاطلاع على المجريات الدبلوماسية العربية والفرنسية والأميركية في اتجاه الداخل اللبناني وعلى موقف طهران، موضحة أن ثمة قرارا اتخذ على مستوى الدول المتمثلة باللقاء الخماسي أي: فرنسا الولايات المتحدة السعودية قطر ومصر من أجل دفع الأفرقاء اللبنانيين إلى الإسراع نحو انتخاب رئيس للجمهورية قبل النصف الثاني من حزيران، وأنه على رغم كل المواقف الداخلية التي تنتقد المبادرة الفرنسية أو تلك التي تؤيد المبادرة، فإن المواقف الأخيرة للسفير السعودي والخارجية الاميركية والحراك القطري من جهة وللأوساط الفرنسية والاتصالات السعودية- الفرنسية من جهة ثانية، ولمتابعة السفير المصري للاتصالات القائمة من جهة ثالثة، كل هذه المشهدية ستؤدي في نهاية المطاف الى بلورة الأجواء المناسبة لالتئام البرلمان اللبناني في جلسة تنتج رئيسا للجمهورية.
الأوساط تؤكد هذه التوقعات نسبة الى الحراكات الدبلوماسية القائمة وإلى أن ترف الوقت لم يعد يجوز بعد اليوم أمام توسع هريان الوضع، وبالتالي يجب أن يغتنم اللبنانيون الأجواء الايجابية الاقليميةوتثمير اللقاءات والاتصالات والمبادرات الداخلية في وقت هناك تخوف واقعي من تأثيرات تطورات عالمية سلبية أو مريبة محتملة في مناطق عدة من العالم.
عمليا في الداخل حتى الآن المواقف مشدودة، لكن الاتصالات كثيفة وقد علم أن المعارضة وعددا من النواب الآخرين سيصلون الى اتفاق على اسم من إسمين كمرشح ينزلون به في مقابل مرشح ما يعرف بقوى الممانعة. في المقابل لا بد من الاشارة الى ما كرره نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: بأن يطرح الفريق الآخر مرشحه وتعالوا لنتداول. كذلك النائب الحاج حسن لفت إلى أن أي فريق لا يستطيع تأمين النصاب لوحده فتعالوا لنتفاهم.
وفي الداخل ايضا هناك المبادرة التي يجول بها نائب رئيس البرلمان الياس بوصعب على الأفرقاء وهي مؤيدة من رئيس البرلمان نبيه بري. فهل سيشهد لبنان انتخاب رئيسه بعد القمة العربية المحددة في جدة في التاسع عشر من الحالي أو في الفترة بين نهاية أيار ومنتصف حزيران؟ المواءمة بين حراك الخارج ونصائحه وبين المسار الداخلي للأمور كفيلة بتظهير الإجابة.
لم يطرأ أي إختراق جدي على مستوى الملف الرئاسي رغم ان الاسبوع الجاري كان حافلا بالمواقف والاتصالات ما يعني أن الأمور بحاجة للكثير من الوقت لتتبلور.
على أن الحراك في هذا الاسبوع تصدرته جولة السفير السعودي على القوى السياسية والحزبية والنيابية والروحية.
أما خلاصة الموقف السعودي فهي: وضع حد للفراغ الرئاسي الذي دخل شهره السادس بأسرع وقت ممكن ولا اعتراض للمملكة على أي مرشح يختاره اللبنانيون وما يتوافقون عليه سيكون موضع ترحيب منها.
إذا كان الاستحقاق الرئاسي هو الحاضر الأبرز في لبنان فإن حضور سوريا في الجامعة العربية هو الطاغي على مستوى الخارج. وبهذا المعنى تبحث الجامعة في إجتماعين على مستوى المندوبين ووزراء الخارجية اليوم وغدا في رفع تعليق مقعد سوريا في الجامعة العربية ومشاركتها في القمة العربية المقرر انعقادها في التاسع عشر من أيار الجاري.
وفي الاجتماعين يحضر أيضا السودان الذي تستضيف السعودية حاليا إجتماعا للطرفين المتصارعين فيه على امل تحقيق وقف اطلاق نار دائم في هذا البلد العربي الأفريقي.
نار الاحتلال الاسرائيلي صبت حقدها اليوم على مخيم نور شمس في طولكرم بالضفة الغربية حيث استشهد شابان فلسطينيان خلال عملية اقتحام معادية فيما حذرت فصائل المقاومة من ان هذه الجريمة لن تمر من دون رد.
بعيدا من الصراعات وعمليات القتل والإجرام شهدت بريطانيا اليوم مراسم تتويج تاريخي للملك تشارلز. الاحتفالية التي تعد الأكبر منذ سبعين عاما كانت مبهرة وباذخة إذ قدرت تكاليف التتويج بأكثر من 145 مليون دولار ما أثار جدلا في بريطانيا التي تواجه أوضاعا اقتصادية متردية.
قبل ايام من القمة العربية المرتقبة في جدة في التاسع عشر من آيار, لا شيء يبدو قادرا على الحد من تقدم الديبلوماسية السعودية, وهي تعمل على ملفين شديدي الاهمية:
خط الاقتتال السوداني السوداني, وخط اعادة سوريا الى الحضن العربي.
اي نجاح يكتب للمفاوضات التي بدأت في جدة اليوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع سيمهد ليس فقط لوقف الحرب في السودان, وانما لتكريس الرياض لاعبا اساسيا على مستوى حل الازمات الحادة, من دون اغفال نقطة اساسية.
فالمبادرة السعودية جاءت بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة الاميركية, ما يثبت أن العلاقة بين الحليفين التاريخيين, اقوى من أن تلغيها وساطة صينية نجحت في تقريب الرياض وطهران, وتؤكد أن المملكة قادرة على الامساك بعصا الدولتين العظمتين من دون ان تخسر احدهما.
هذا على خط السودان, أما على خط اعادة سوريا الى الحضن العربي فيبدو أن نجاح الديبلوماسية السعودية صار على قاب قوسين. ففي معلومات خاصة بالLBCI، يتوقع أن يصدر مجلس الوزراء العرب في الاجتماع الاستثنائي الذي يعقد في القاهرة غدا, قرارا باستئناف مشاركة سوريا في اجتماعات الدول العربية, ما يعني تعليق قرار تجميد عضويتها الذي اتخذ في العام 2011.
إتمام هذين الملفين سيحقق لولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ما يريده من تحويل بلاده عبر الديبلوماسية الناجحة الى اللاعب الاكبر في منطقة الشرق الاوسط. منطقة تتجه نحو تبريد الجبهات السياسية والعسكرية, يقع لبنان في قلبها, ومسؤولوه غير مسؤولين عن تبريد جبهاتهم الداخلية للتسريع في حل ازماتهم وابرزها: الانتخابات الرئاسية والنزوح السوري المرهون بتسليم الunhcr الداتا التي في حوزتها الى الامن العام اللبناني الاسبوع المقبل. فكيف ستكون هذه الداتا؟ هل هي عبارة عن اسماء فقط, أم ستتضمن ايضا بصمات اضافة الى اسماء الجمعيات التي تعنى بالنازحين وحركة اموالها, ما يسمح للبنان بتنظيم النزوح السوري وفق القوانين الدولية واللبنانية, فيحمي مواطنيه اولا والسوريين فيه ثانيا.
الملفات المتسارعة على تعقيدها, لم تمنع العالم من متابعة تتويج الملك تشارلز ملكا للملكة المتحدة في احتفال تاريخي يقام منذ قرون, هتف له البريطانيون God Save the king.
15حزيران. تاريخ جديد تم رميه في سوق التداول السياسي اليوم، على اعتباره موعدا نهائيا حدده العالم كله لمجلس نواب لبنان لانتخاب رئيس، طبعا، كلما اسرع النواب بأداء واجبهم، كلما كان افضل. وطبعا جميع اللبنانيين يأملون في عدم انضمام الموعد المضروب في الساعات الاخيرة، الى لائحة المواعيد الطويلة، التي لا يتعب المحللون والمروجون من الحديث عنها، منذ ما قبل الفراغ الرئاسي.
اما الحقيقة، فلا يمكن تبيانها الا قياسا على المعايير الثلاثة الآتية:
المعيار الميثاقي، ومعيار النصاب، ومعيار الضوء الاخضر، الاقليمي والدولي. فهل شهدت الساعات الاخيرة تطورا يؤدي الى انتخاب رئيس ميثاقي، يحظى بدعم مسيحي واسع، ثم وطني؟ وهل طرأ بين أمس واليوم معطى يفيد بعدول العدد الكافي من النواب عن تعطيل النصاب؟ وهل تأكد الجميع بشكل نهائي ان الرياض تقبل وواشنطن تؤيد وايران تبارك؟
وحدها الاجوبة الحاسمة على هذه الاسئلة الثلاثة تحسم مصير الرئاسة، سواء في 15 حزيران او قبله او بعده. اما عدا ذلك، فترقب وانتظار لمشروع انقاذي جدي، عل رئيسا ما يتوجه في بعبدا… يوما ما.
في مهب التحليل والتأويل لا يزال يرزح الملف الرئاسي اللبناني، فيما المساعي الداخلية والخارجية الحامية لم تصل بعد الى خلاصة واضحة، أما الايجابية التي تحكم المسار العام فمستمدة من تحريك الملف بعد اسابيع من الركود القاتل.
وعن توقيت الحلول فانها رهن استيعاب البعض ان الوقت قد نفد، وان كل يوم تأخير للحوار والتواصل بين اللبنانيين يقرب البلد واهله من المحظور في ظل تراكم الازمات التي يجمع الجميع على ان بداية حلها انتخاب رئيس للجمهورية.
في الجمهورية المتعبة التي تنعم ببضع ساعات كهربائية، ما زال بعض سياسييها يرفضون نعم الحلول المستدامة ايرانيا وصينيا وروسيا وحتى المانيا وغيرها، ولم يبق للمواطنين الا شكر المساهمة العراقية بتامين تلك الساعات التي يلعنون بها الظلام الاميركي المفروض عليهم. وعليه كان حديث وزير الطاقة وليد فياض على هامش مؤتمر المياه في بغداد مع رئيس الوزراء العراقي والوزراء المعنيين عن استمرار تزويد العراق للبنان بالنفط، شاكرا لهم هذا التعاون.
في فلسطين المحتلة وعلى اعين العالم ومؤسساته يستمر الصهاينة بعدوانهم على الشعب الفلسطيني، وجديدهم اقتحام طولكرم في الضفة الغربية واغتيال شابين فلسطينيين في مخيم نور الشمس، فيما اكدت المقاومة الفلسطينية على الثأر للشهداء ولدمائهم التي لن تكون الا وقودا لنور الحرية.
في السودان الجريح ما زالت نيران الحرب التي اوقدتها الصراعات الداخلية والاحقاد الخارجية تلتهم ما تبقى من هذا البلد، فيما جمعت السعودية بمباركة اميركية ممثلين عن فصيلي النزاع السودانيين في جدة بحثا عن تثبيت هدنة حقيقية مقدمة لحوار يبحث عن حل.
اما حال العلاقات الايرانية السورية فقد رفعتها زيارة الرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيسي الى دمشق نحو اعمق الملفات الاقتصادية والسياسية والامنية، مكرسة الحلف الاستراتيجي بين البلدين.
وبين كل هذه التطورات الداخلية والاقليمية، يطل الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله يوم الجمعة المقبل في ذكرى القائد الجهادي السيد مصطفى بدر الدين – ذو الفقار، متناولا ابرز ملفات الساعة.
كأن التاريخَ والعظمةَ والتقاليدَ تجمّعت في لحظة واحدة لتعلن تشارلز ملكاً. لحظة التتويج لم تكن للملك الجديد فقط، بل لأمةٍ عرفت كيف تحافظ على تقاليدها، ولعالمٍ يحِنّ، ولو من بعيد، إلى زمن المَلَكية. منذ سبعين عاماً لم تشهد بريطانيا ولا العالم مثلَ هذا الإحتفال الرسمي المَهيب، الذي يجمع بين أُبّهة الماضي وحداثةِ الحاضرِ ورؤيةِ المستقبل. كلُّ شيء كان معدّاً بإتقان: من الجنود الذين يصطفّون على الطرقات، والناسِ الذين يلوّحون بالأيدي للملك الجديد، إلى المشهدية المؤثرة في كنيسة وستمنستر حيث الموسيقى والتراتيلُ والكراتُ الذهبية والسيوفُ المرصّعةُ بالجواهر والصولجان، إضافة طبعاً إلى التاج الملكي العريق. كلُها أمورٌ جعلت من السادس من أيار يوماً إستثنائياً لم نشهد مثلَه منذ سبعين عاماً، عند تتويجِ الملكة اليزابيت الثانية. علماً أن التتويج السابق كان قبل عصرِ انتشارِ التلفزيون وقبل زمنِ البثِ المباشر، وبالتالي فإن العالم لم يتابعَه كما تابعَه اليوم، حيث مراسمُ الإحتفالِ بدت أشبهَ بفيلم هوليووديٍ مُبهر، وفصلاً غيرَ مسبوقٍ من تلفزيون الواقع متقنِ الإخراج.
إذا صفحة جديدةٌ فُتحت في بريطانيا العظمى بدءاً من اليوم . فهل ستكون هذه الصفحةُ لمصلحة تعزيزِ المَلَكية في بريطانيا ؟ وهل سيتمكن تشارلز الثالث، بأعوامه الخمسةِِ والسبعين، من تقديم صورةٍ لنظام ملَكي جديد يحاكي الحاضرَ ويتطلع إلى المستقبل؟
واذا كانت بريطانيا توجت ملكها الجديد ، فان على لبنان ان ينتظر بعد لتتويج رئيسه الجديد. وبحسب نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي فان انتخاب رئيس جديد للجمهورية سيتأخر كثيرا اذا لم تحصل عملية الانتخاب في شهر تموز. من جهته قال النائب غسان سكاف، بعد زيارته السفير السعودي وليد البخاري، ان على اللبنانيين ان يستغلوا فرصة الهدوء الاقليمي بعد الاتفاق السعودي- الايراني. وذلك لانتخاب رئيس. علما ان الجو الاقليمي ليس بهذه البساطة. صحيح ان التفاهم السعودي – الايراني في غاية الاهمية، وهو مؤشر الى امكان بدء عصر جديد في المنطقة، لكن الاتفاق المذكور لا يزال في بداياته، وايران والسعودية لم تصلا بعد الى مرحلة فتح الملف اللبناني لمناقشة تفاصيله المعقدة . وعليه، فان الانتظار سيبقى سيد الموقف حتى اتضاح الصورة الاقليمية، وهو ما تؤكده مصادر اميركية معنية بالملف البناني.
في هذا الوقت تتجه الانظار الى ما يمكن ان يحدث على الصعيد العربي، وخصوصا قبل ثلاثة عشر يوما من انعقاد القمة العربية في السعودية . ووفق المتحدث باسم جامعة الدول العربية فان اجتماع وزراء خارجية الدول العربية غدا سيبحث في عودة سوريا، وان اتخاذ قرار ايجابي في هذا الاطار وارد ، بل محتمل جدا. فهل التفاؤل في محله، ام ان الظروف في الاقليم لم تنضج بعد، لا لعودة سوريا، ولا لانتخاب رئيس للبنان؟