“الشارع” يغلي.. والمصارف نحو وقف الإضراب جزئياً؟

إثر تجاوز سعر الدولار الثمانين الفا، انفجر الوضع في الشارع في اكثر من منطقة.فقد أشعلت جمعية صرخة المودعين الاطارات امام بنك عودة في بدارو وقام بعض الافراد برمي الحجارة على ابواب المصرف، وكذلك أمام مصرف الاعتماد اللبناني. ثم انتقلت الجمعية والمحتجون الى مصرف آخر لاشعال الاطارات. واقتحم المحتجون بنك بيبلوس وحاولوا تكسير الباب الرئيسي. وتجمّع عدد من المودعين أمام منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في سن الفيل وحرقوا الاطارات. كما قـطعت بعض الطرق بقاعا وشمالا وفي العاصمة والجنوب وطريق المطار لبعض الوقت بالاطارات المشتعلة احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الوضع المعيشي.

عجز عن وقف الانهيار
وبالتزامن مع الارتفاع «الجنوني» لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، سلسلة اجتماعات طارئة في السراي الحكومية للبحث في الأوضاع النقدية والمعالجات المطلوبة. وفي هذا الإطار، رأس اجتماعاً شارك فيه وزير المال يوسف الخليل، وزير الاقتصاد أمين سلام، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ووفد من المجلس المركزي للمصرف، المدير العام لوزارة المالية جورج معراوي، المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر. وتمّ خلال الاجتماع البحث في الحلول المطلوبة من أجل معالجة الأوضاع النقدية، كما تم الاتفاق على إبقاء الاجتماعات مفتوحة. ووفقا لمصادر مطلعة، الاجتماع انتهى دون نتائج ولم يقدم حلولا لوقف الانهيار، وتبين ان احدا لا يملك اي حلول واقعية لوقف الانهيار، فلا سقف لارتفاع الدولار، وما يمكن فعله فقط هو محاولة «فرملة» السقوط المروع لقيمة العملة الوطنية مرحليا، والعمل على ابطائه فقط. في هذا الوقت، يواصل المصرف المركزي طباعة الليرة وضخها في السوق يقابله طلب مرتفع على الدولار، وجاء توقف المصارف عن العمل ليزيد من الوضع سوءا. فحجم الموجودات من الليرة في السوق حوالى 80 ترليون ليرة في حين كان مع بداية الازمة 4 ترليون ليرة، ولا تملك الحكومة ترف الطلب من «المركزي» وقف الطباعة كون ايراداتها منخفضة وتحتاج الى الاموال للدفع للموظفين وتسديد العديد من النفاقات. وقد نفى المكتب الإعلامي لميقاتي، الكلام الذي نقلت عن مصادره بأنّ مصرف لبنان فقد السيطرة على السوق، وأنّه قد يكون من الصعب إعادة ضبط الأمور، إلا في حال حصول خطوة سياسية كبيرة. وأكد المكتب، في بيان أنّ «الجهود متواصلة لمعالجة الأوضاع المالية، وأيّ موقف لرئيس الحكومة يصدر عنه مباشرة أو عبر مكتبه الإعلامي». وفي السياق نفسه، ادّعى النائب العام المالي، القاضي علي إبراهيم، على 22 صرافاً، من بينهم 18 موقوفاً، بجرائم القيام بأعمال صيرفة غير شرعية، وأحال الملف إلى قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت شربل بو سمرا.

نفي الشائعات حول سلامة
وفي سياق متصل، نفت مصادر ديبلوماسية أميركية ، المعلومات التي انتشرت يوم امس حول علاقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بحزب الله. وقالت المصادر «لن نعطي أي أهمية للشائعات التي يطلقها أشخاص بهدف تأجيج الازمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان من أجل مصالحهم».

التحويلات المالية بخطر؟
في هذا الوقت، علم ان المصارف تتجه الى وقف اضرابها جزئيا يوم الاثنين المقبل، وستكون جزءا من خطة للجم الانهيار المتسارع لليرة، فيما حذرت مصادر مصرفية من خطورة الاتهامات القضائية الموجهة لعدد منها بتهمة «تبييض الأموال»، وتداعيات ذلك على المعاملات المصرفية، وهذا قد يدفع المصارف الكبرى العالمية إلى وقف تعاملاتها بشكل تام مع لبنان عبر إقفال حسابات المصارف اللبنانية لديها، وهذا سيؤدي الى عزل لبنان مالياً عن العالم ويوقف نهائيا الاستيراد الذي تتم معاملاته المالية عبر القطاع المصرفي. وفي هذا السياق، يجري التداول باخبار عن توجه لدى البنوك المراسلة في نيويورك الى تجميد العمليات المالية مع المصارف اللبنانية، اي وقف التحويلات من والى لبنان «مؤقتا» ريثما تتضح الصورة وتنتهي الاجراءات القضائية؟!

التسعير بالدولار
في هذا الوقت، اعلن وزير الاقتصاد امين سلام عن بدء العمل بالتسعير بالدولار في السوبرماركت، وقال أنه تقرر السماح بتسعير بضائع السوبرماركت بالدولار واعتماد سعر الصرف الرائج في السوق، مشيرًا إلى أنه «لا يمكن أن نعوّل على سعر منصّة معيّنة». وتم استثناء الخضار والفواكه والدخان اللبناني والخبز، ويمكن للمستهلك أن يدفع بالليرة اللبنانية حسب السعر المعتمد في السوبر ماركت». وقد تم منح السوبرماركت حتى يوم الاربعاء المقبل لتطبيق الآلية الجديدة لضبط الأسعار. وبحسب مصادر اقتصادية الخطوة تجعل الامور أكثر شفافية ولكنها ليست حلا، المواطن قد يتمكن من مقارنة اسعار السلع بين سوبر ماركت وأُخرى خلافا لآلية التسعير بالليرة اللبنانية، وهذا الامر يساعد على مراقبة الاسعار بالدولار بين السوبر ماركات ومعرفة من يتقيد بالسعر ومن يخالف. لكن يبقى السؤال عمن يحدد سعر صرف الدولار يوميا؟ وهل ستكون الخطوة لخدمة التجار او المستهلك؟ وهل ستفتح هذه الخطوة المنافسة بين السوبرماركت ام سنكون امام احتكارات جديدة؟

المحروقات «باللبناني»
في المقابل، ستبقى تسعيرة المحروقات بالليرة اللبنانية، وعلى وقع ارتفاع «هستيري» في الاسعار، ترأس الرئيس ميقاتي إجتماعا شارك فيه وزير الاقتصاد ووزير الطاقة والمياه وليد فياض وممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا وامين سر نقابة المحطات حسن جعفر ورئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس. بعد الاجتماع قال فياض «تحدثنا بشأن التغير السريع في سعر صرف الدولار الذي يؤثر على امكانية الاستدامة المالية للمحطات التي تخضع للتسعيرة التي تضعها الوزارة، وبعدما تناقشنا في الحلول المتاحة، واعتمدنا الخيار الذي يتماشى مع الاستراتيجية التي تنتهجها الوزارة وهي ان تبقى التسعيرة للمواطن بالليرة اللبنانية مع تعديلها من أجل ان تعكس سعر صرف الدولار، لكي لا تخسر المحطات الجعالة. فعندما يتغير سعر صرف الدولار بشكل كبير في يوم واحد ويزيد أكثر مما يمكن تحمله، يجب ايجاد طريقة للتغيير بشكل ديناميكي أكثر وصولا الى أكثر من مرتين في النهار، اذا توجب الأمر». أضاف «نحن نخضع لتقلبات سعر صرف الدولار للأسف وللمضاربات التي تقوم بها بعض الجهات ولا نعرف من هي لسعر صرف الدولار، وهنا نتساءل ماذا يجعل التلاعب وسعر ارتفاع الدولار كبيرا الى هذا الحد؟.

الديار