طارت ترقيات الضباط في الجيش. هذه المرة، لم يتم توقيف الترقيات من رتبة عقيد إلى عميد نتيجة الخلاف على دورة العام 1994، وإنما حتى الترقيات من رتبة ملازم إلى عقيد صارت في خبر كان، ورُحّلت إلى 1 تموز المقبل في حال تم حل الخلاف السياسي القائم.
أثار ذلك تململاً وغضباً في صفوف الضبّاط الذين يعتبرون الترقيات التعويض المعنوي الوحيد الذي يمكنهم تحصيله في ظل تآكل رواتبهم وسوء أوضاعهم المعيشيّة. إذ إنهم بفقدانهم ميزة الترقيات السنوية أضحوا تماماً كالموظفين في الإدارات الرسميّة.هي الأزمة السياسية – الحكومية التي أطاحت بمشروع الترقيات لمئات الضبّاط. وفي المعلومات، أن قيادة الجيش أبدت مرونة كبيرة في التعاطي مع هذا الملف لإدراكها حجم العراقيل السياسية. لذلك، خرج مشروع الترقيات من المؤسسة العسكرية مع ترك هامش لوزير الدفاع موريس سليم لاختيار الصيغة التي يجدها مناسبة لعرضها على حكومة تصريف الأعمال، ووضعت صيغة تقديمها على قاعدة أن تكون مراسيم جوّالة على 24 وزيراً أو مراسيم جوالة على الوزراء المعنيين.
في المقابل، أصرّ سليم على الصيغة التي يطالب بها باعتماد المراسيم الجوّالة على 24 وزيراً على قاعدة ما تم الاتفاق عليه خلال عهد رئيس حكومة تصريف الأعمال تمّام سلام في حينه بسبب تشابه التجربتين. لكن تمسّك رئيس الحكومة ميقاتي بأن يكون المرسوم الجوّال على الوزراء المعنيين (الدفاع والمالية ورئيس الحكومة) فقط، أطاح بتمنيّات الضبّاط.يستند ميقاتي إلى رأي قانوني بأن الترقيات لا تحتاج إلى 24 توقيعاً، بناء على دراسة قانونية نشرها الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة في آب الماضي اتكأت إلى آراء قانونية لأكثر من مؤسسة دستورية، ومن بينها قرارات لمجلس شورى الدولة وهيئة التشريع والاستشارات وهيئة القضايا في وزارة العدل.وإذا كان الخلاف السياسي هو الذي طيّر الترقيات، فإن لمجلس الوزراء رواية أُخرى. إذ يُحكى أن مشروع الترقيات أُرسل حتى لا يوقّع بل كان الهدف منه تعميق الأزمة وتأليب المؤسسة العسكريّة على ميقاتي.
يدافع مقرّبون من ميقاتي عن وجهة نظرهم بأن سليم أرسل الترقيات في «الوقت الميّت» وتحديداً بعد انتهاء الدوام الرسمي في السراي الحكومي، وأنه أجرى الاتصالات اللازمة مع المعنيين حتى يجد موظفاً يستلمها بطريقة رسمية. وهو ما حصل أيضاً مع وزارة المالية التي أرسلت توقيعها على مراسيم الترقيات باستثناء الترقيات من رتبة عقيد إلى عميد.بالتالي، يجد ميقاتي أن إرسال المراسيم بعد انتهاء الدوام الرسمي هو لـ«ذر الرماد في العيون»، باعتبار أنه كان قد سافر خارج لبنان قبل 24 ساعة، إضافة إلى عدم قدرة الأمانة العامة لمجلس الوزراء على الحصول على تواقيع الـ24 وزيراً لكوْن عدد منهم كانوا أيضاً قد سافروا خارج البلاد لقضاء ليلة رأس السنة. لذلك، يعتقد رئيس حكومة تصريف الأعمال أن المرسوم أُرسل حتى لا يوقّع أصلاً باعتبار أن التوقيع كان يجب أن يحصل قبل نهاية العام ليُصبح نافذاً في 1 كانون الثاني.مع ذلك، يُراهن البعض على إمكانية إيجاد حل لمسألة الترقيات، إذ تشير المعلومات إلى وساطةٍ يقوم بها مدير المخابرات في الجيش العميد أنطوان قهوجي، بالإضافة إلى مبادرة طرحها الوزير السابق ناجي البستاني. فيما يؤكد متابعون أنّ الترقيات «صارت وراءنا» على قاعدة استحالة توقيعها بمفعول رجعي. بالتالي، سيتم جمعها مع الترقيات التي يجب أن تصدر في 1 تموز المقبل كما جرت العادة.
لينا فخر الدين -“الاخبار”