اكتئاب ينتظر دوروثي.. وسفراء مسرورون بمغادرتها

المسرورون بمغادرة السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا ليسوا كثراً في لبنان، وليسوا جميعاً لبنانيين. والمرجح أن السفيرة ذات الصيت المهني الضعيف، ستعاني اكتئاباً حاداً بعد أشهر قليلة على مغادرتها. صحيح أن هاتفها سيظل موصولاً بعشرات السياسيين والإعلاميين ورجال الأعمال والأصدقاء في لبنان، وستتمكن من تمضية بعض الوقت معهم، وتجيب بعبارات من نوع: ربما، أعتقد أنه من الأفضل، أشعر بأن الأمر سيكون على هذا النحو، انتبهوا ، حدثوني عندما تحتاجون إلى شيء، إذا واجهتم مشكلة مع خلفي، الفتوا انتباهي، إضافة إلى توصيات في صلب جدول أعمالها، من نوع: لا تنسوا أن المشكلة هي في حزب الله، اهتموا بالمنظمات غير الحكومية لأن دولتكم فاشلة، لا تثقوا بهذا السياسي فهو كان يكذب علينا، إلى آخره، من قاموس يحمله غالبية الديبلوماسيين الغربيين الذين يغادرون لبنان على مضض، ويعودون إلى حياة طبيعية، حيث لا مواكب ولا مآدب مفتوحة، ولا دهشة على الوجوه، ولا كاميرات تلاحق، ولا قائمة طلبات لمواعيد لا يكفي العام لتغطيتها.

بعض المسرورين من غير اللبنانيين، هم من نظراء للسفيرة الأميركية، وهؤلاء بدأوا منذ الآن التدقيق في هوية الخلف وقوته ونفوذه. إذ إن الأوروبيين منهم، خصوصاً الفرنسيين والألمان، يأملون بديبلوماسي يحتاج إلى وقت طويل للتعرف إلى الملف اللبناني، ما يتيح لسفيري فرنسا وألمانيا المجال للقيام بأمور كثيرة، من دون الخشية من تعرض مشاريعهما لضربة عاجلة كتلك التي كانت دوروثي شيا تقوم بها طوال الوقت. وبعض المسرورين أيضاً، هم سياسيون يعتقدون أن شيا كانت تبالغ في ادعاء المعرفة بالتفاصيل اللبنانية، خصوصاً أولئك الذين كانت تعاقبهم بالتجاهل، أو تنهر الموفدين منهم. أما الأكثر قلقاً واستنفاراً، فهم الذين يديرون الجمعيات الممولة من السفارة الأميركية، وسبق لهم أن تدربوا على كيفية التعامل مع السفيرة ويعرفون ما الذي يغضبها أو يفرحها، خصوصاً أن الخشية تسود غالبية هذه الجمعيات من الغضب الأميركي، كون التمويل الأوروبي بدأ يتراجع، والتنافس الآن هو على الأموال الأميركية، وهي أموال كانت تصل أيضاً إلى خزائن مؤسسات رسمية في الدولة، لا سيما منها الأجهزة العسكرية والأمنية

على أن الأهم في كل ما سيحصل، هو أن اللبنانيين سيكتشفون سريعاً، أن السفارة الأميركية في بيروت، ليست لديها استراتيجية متماسكة حيال التعامل مع مشكلات لبنان، وأن العنوان الوحيد الذي يجري العمل عليه تلقائياً ومن دون الحاجة إلى توصيات، هو العمل على تطويق حزب الله وحلفائه، والاعتماد على ترويع من يتواصل معهم، والسعي الدائم إلى خلق أرجل اصطناعية لتثبيت رجال السفارة من كل الطوائف والمذاهب.