على توقيت ولادة المخلص يتفرغ السياسيون للعب دور القديسين الذين يسعون للتقارب ونشر المحبة.. لكأن الشعب لزم دور الابالسة. وفي الميلاد وعلى اسم يسوع تطلق المواقف المتبرئة من أي ذنب سياسي.. فكلهم أنقياء ويريدون الخلاص لبلد يعيش أسوأ مراحله السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
لكن المعطيات الواردة عن لقاءات التقارب لم تفض الى فك عزلة البلد واقتصرت فقط على مسعى جبران باسيل لفك عزلته الشخصية والظهور على صورة رئيس التيار الذي يمد يده للجميع بعد ان مدها على الجميع .ولذلك فإن اجتماع باسيل برئيس الحزب التقدمي لم يثمر سوى عن خبر من دون صورة او مضمون مثمر حيث اقتصر اللقاء على “فك الحداد” وفتح باب للنقاش حتى لا يترك الحصان وحيدا. وعلى اعقاب اللقاء تكشفت معطيات عن غداء جمع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي برئيس التيار الوطني جبران باسيل لكن
المصادر اكدت ان هذا الاجتماع سبق اللقاء التشاوري الحكومي ولم يقرب الملفات محور الخلاف لا بل ان الحرب الحكومية والمراسيم الجوالة اشتدت من بعده. وما نشر الاخبار عن الاجتماعات الا للدلالة على ان باسيل يستطيع كسر العزلة /وانه غير محاصر محليا بشكل كلي .
وفي تأنيب كنسي جديد لحال التعطيل والمراوحة قال البطريرك الراعي في عظة الميلاد
ان السياسيين يحرمون دولتنا من رئيس للجمهورية، من أجل مآرب شخصية وطائفية وخارجية. ولفت الى ان “كل المعطيات السياسية تؤكد وجود مخطط ضد لبنان، لإحداث شغور رئاسي معطوف على فراغ دستوري، يعقد أكثر فأكثر انتخاب رئيس للجمهورية. وسأل: لماذا تنتقمون من لبنان وتهدمون الدولة؟“.
وفي ظل التعطيل واقفال البلد بالاعياد والايام العادية ودولار يصعد السلم الى الخمسين الفا.. فإن المواطن لم يجد من ثورة يلتحق بها سوى الهجوم على محطة الجديد. وبناء على “مقطع يندرج في الاطار الساخر” ضمن برنامج هدفه “فشة الخلق” لعموم اللبنانيين .لكن الجديد
تؤكد في الوقت عينه احترامها لدور المرأة الجنوبية واللبنانية عموما وانها تشكل رأس الحربة في الدفاع عنها وعن حريتها ودورها في المجتمع وغالبا ما تكون عنصر مؤازرة لقضاياها التي تحرمها منها مؤسسات دينية ودنيوية .
وخلال هذه النشرة سوف نكون مع جوانا كركي.. بتول التي طغت على “حادثة اليونيفيل” وغيرت في قواعد الاشتباك وتناسى الرأي العام تلك الحادثة ليركز على توجيه السهام ضد الجديد.
ساعات قليلة ويولد المخلص في مغارة، حاملا بشرى الخلاص للبشرية جمعاء. لكن حتى الان خلاص لبنان لم يتبلور. فالازمات تتناسل، وما من جهة سياسية او مرجعية دستورية قادرة على المعالجة وايجاد الحلول. والاخطر من ذلك ان الفراغ او الشغور يتمدد. فالفراغ لا يقتصر، كما يعتقد البعض، على الرئاسة الاولى، بل يشمل في الواقع مجلس النواب ومجلس الوزراء. فالاول مهمته التشريعية غائبة في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية. كما انه يغيّب نفسَه في عملية الانتخاب. هكذا فان البرلمان في لبنان تحول حاليا مجرد فولكلور لا دور له، سوى انتظار الحلول من الخارج، ليَبصم على الحل المقترح. اما مجلس الوزراء فهو غير قادر على الاجتماع بحكم الميثاقية والديمقراطية التوافقية وبحكم القانون والدستور.
ففي ظل الفراغ المثلث على صعيد رأس هرم السلطة، الا يبدو الخلاص الذي تـتنظره البشرية الليلة بعيداً عن لبنان واللبنانيين؟ في اليوميات السياسية اللقاء الذي انعقد ليل امس بين رئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لا يزال يشغل الاوساط السياسية. المعلومات المختلفة تتقاطع على التأكيد ان البحث تطرق الى امرين اساسيين: رئاسة الجمهورية والتمديد للضباط. وفي الحالين والملفين ظلت مواقف الطرفين على حالها. ففي الشأن الرئاسي عرض كل طرف لموقفه، ولم يبد اي تغيير. كذلك الامر في ما يتعلق بالترقيات، اذ اكد باسيل ان موقفه لا يهدف الى عرقلة التمديد لرئيس الاركان المحسوب على جنبلاط، بل انطلاقا من موقف مبدئي بعدم التمديد لأي كان في ادارات الدولة والمؤسسات العامة.
والخلاصة اتفق الجانبان على مواصلة الحوار واستكماله، باعتبار ان لا امكان للخروج من مأزق الشغور الا بالحوار. على اي حال بدءا من اليوم دخل البلد في مدار عيدي الميلاد ورأس السنة. وبالتالي ما من جديد متوقع رئاسيا. فالى العام 2023 در.
في ليلةِ الميلادِ المجيد، يجدُ العالمُ نفسَه امامَ مفترقٍ خطير، حيثُ لهيبُ الحروبِ والازماتِ يهددُ كلَّ ميادينِ الحياة، ما لم يَعُد اهلُ الارضِ الى تعاليمِ السماء..
وبلغةِ الاملِ المنبعثةِ من المناسبةِ المباركةِ يستشفعُ اللبنانيون بالسيدِ المسيحِ ابنِ مريمَ عليهما السلامُ لانْ تَحِلَّ الرأفةُ في قلوبِ المسؤولين، والحكمةُ في عقولِهم، فيَلتفتوا الى اهلِهم وبلدِهم. واُولى الاشاراتِ الضروريةِ مَلءُ الفراغِ في رئاسةِ الجمهورية، لما له من تأثيرٍ على كلِّ متفرعاتِ الازمةِ اللبنانية..
فمهما دارت الظروفُ فلا اولويةَ سوى انتخابِ الرئيسِ كما قالَ البطريركُ الماروني بشارة الراعي في رسالةِ الميلاد، امّا ما تقولُهُ الوقائعُ السياسيةُ فإن كثيرينَ من المعنيينَ ينتظرونَ الاشاراتِ الخارجية، واِنَ المساعيَ الجديةَ معلقةٌ الى ما بعدَ عطلةِ الاعياد، فيما اعادَ لقاءُ الامسِ بينَ رئيسِ الحزبِ التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيسِ التيارِ الوطني الحر جبران باسيل خطوطَ التواصلِ بينَ الحزبين، دونَ ان يصلَ رئاسياً الى الحديثِ بالاسماء، فيما تمَ رسمٌ لمعالمِ الصفاتِ التي يريدُها الطرفانِ من الرئيسِ العتيد..
امّا في مهدِ السيدِ المسيحِ عليهِ السلامُ وعلى اطرافِها فانَ الميلادَ مفعمٌ بالرجاءِ الذي تَكتبُه كلُّ يومٍ دماءُ الشهداءِ والقرابينُ الفلسطينيةُ على مذبحِ النجاةِ والحريةِ من عدوٍ تزدادُ ازمتُه يوماً بعدَ يوم، حتى باتَ محاصراً من هبةٍ فلسطينيةٍ تتراكمُ معالمُها، ومن ازمةٍ داخليةٍ تتفاقمُ تداعياتُها مع الحكومةِ اليمينيةِ الجديدة … الا انَ العداءَ للفلسطينيينَ ولكلِّ التباشيرِ السماويةِ لا يفرّقُ بينَ حكومةٍ واخرى صهيونية، فالتضييقُ على المصلينَ في بيتَ لحم وعلى مُحيِي ليلةِ الميلادِ تتجددُ كما كلِّ عامٍ وسطَ اجراءاتٍ تعسفيةٍ اضافية..
وكأنو الدني لبست ثوب العيد، واستراحت مؤقتا من الحراك السياسي .
وكأنو الوجوه اللي سرق منها الزمن ضحكتها، رجعت تبتسم ولو لساعات.
وكأنو النفوس اللي تعبت من كتر الهم ، اتصالحت مع الواقع ورجعت تحلم وتتأمل بهالليلة كل شي ممكن، وفرح الميلاد ورغم كل الظروف سلك الدرب باتجاه القلوب… والنتيجة :
انتصار اللبنانيين على تفقيرهم الممنهج وتأكيدن انن ما بينكسروا أمام ترهيبهم اجتماعيا وماليا فهم أصحاب حق يشهدون به وله .
بهالعيد الاماني كتيرة، وعامتداد الوطن الا انو راحة البال بتبقى امنية جامعة لكل اللبنانيين، واستقرار البلاد هدف أكيد من بعد التوترات السياسية، والانهيار الاقتصادي الكبير ونهب الودائع يللي يستدعي محاسبة المسؤولين لاحقاق العدالة ما يسمح بفتح صفحة جديدة.
ولد المسيح هللولويا… فافرحوا يا أهل الارض وهللوا
ولد المسيح هللولويا… والتكن ولادة الخير بقلوبنا
ولد المسيح هللويا… ومعه ولدنا من جديد، ابناء سلام في مشرق ملتهب، وعالم مائل الى التطرف،
ومع هالولادة وكما غرّد الرئيس العماد ميشال عون تستمرّ النعمة،
ويستمرّ نور الرجاء، منيراً كل ظلام…
ميلاد مجيد.
ميلاد مجيد…
أقل من تفاهم، وأكثر من مكاشفة، واللقاء هو الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل، لأن الطرفين يأتيان من مكانين مختلفيْن، ولكن حين وُضِعت الملفات والهواجس على الطاولة تبيَّن أنها متشابهة، ولا بداية لحلٍّ لها إلا بـ Package Deal يتضمن انتخابات رئاسية مبنية على خريطة طريق بالاضافة الى رئيس حكومة.
تقريبًا، هذا ما توصَّل إليه لقاء رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
يمكن القول إن النقاش دخل في العمق، في نقاط سياسية – إقتصادية جرى تفنيدها إنطلاقًا من إشكالية السياسة أولًا أو الأقتصاد أولًا، ليخلص المجتمعون أن هناك تكاملا بين السياسة والإقتصاد، بمعنى أن لا إمكانية لمعالجة الأزمات الإقتصادية من دون إعادة تكوين السلطة التنفيذية، رئيسًا وحكومة، ولا إعادة َ لتكوين هذه السلطة، إلا بمقاربة المواصفات التي يُفترض أن تكون “على قَدْ المرحلة” بحيث يواكب الرئيس والحكومة، التحديات الهائلة التي وضعت البلد في قلب الانهيار لا على شفيره.
المجتمعون متفاهمون على مقاربة الوقت، بمعنى أن الانتظار سنتين ونصفَ السنة، للإتفاق على رئيس، مثلما حصل بين عامي 2014 و2016، لم يعد ممكنًا، فلا أحد من الأطراف الداخلية يملك “ترف الوقت” حتى لو كابر، وظنّ أنه يستطيع الأنتظار.
إذا كان لقاء جنبلاط – باسيل قد ضيَّق قليلا الفجوة في مقاربة الأمور، فماذا عن الأطراف الآخرين؟ ماذا عن حلفاء كل طرف من الطرفيْن؟ هل يلاقون هذا التقارب؟ أم يعرقلونه؟ هل من أجندات لبعض منهم لا تتوافق مع خريطة طريق انقاذية شروطها العجلة؟
الخلاصة الأكيدة من اللقاء أن الطرفين يستشعران الكارثة التي وقع فيها الجميع، وأنه لم يعد ممكنًا “أنو يكفي البلد هيك“.
ويبقى السؤال الكبير: ماذا بعد لقاء أمس؟ هل يُستتبع؟ متى؟ وكيف؟ هل يتوسَّع؟ وفي حال الإيجاب؟ مَن سيضم؟
قبل خريطة الطريق السياسية، وماذا عن خارطة الطريق الميلادية عشية عيد الميلاد وأجواءِ ولادة السيد المسيح وما يرافق هذه الأجواء.