كتب فراس الشوفي في “الاخبار”: بدأت قضية وقف الرحلات المباشرة بين بيروت وموسكو تتخّذ منحىً جديداً مع وجود نية لدى المسافرين الدائمين إلى روسيا وعائلات الطلاب اللبنانيين فيها القيام بتحركات شعبية لحلّ المسألة.
وعلمت «الأخبار»، أن الجالية اللبنانية في موسكو وبعض الروابط والجمعيات المعنية بالشأن اللبناني – الروسي تحضّر لسلسلة تحرّكات أمام وزارة الأشغال العامة والنقل ووزارة الطاقة وهيئة الطيران المدني ومؤسسات أخرى، وصولاً حتى إلى قطع طريق المطار، احتجاجاً على استمرار توقّف الرحلات بين العاصمتين.
يأتي ذلك بعدما أبلغت هيئة الطيران المدني، الأسبوع الفائت، شركة الخطوط الجويّة الروسية «إير فلوت»، أن شركات النفط اللبنانية رفضت تزويد الطائرات الروسية بالوقود بحجة خشيتها من العقوبات الغربية، خصوصاً أن بعضها يرتبط ارتباطاً مباشراً بشركات غربية.
قرار هيئة الطيران المدني يأتي في سياق متكامل من العرقلة لمنع عودة الرحلات التي تقلّص عددها مع جائحة كورونا من أربع أسبوعياً إلى رحلتين مع انحسار الجائحة. وقد حاولت «إير فلوت» إعادة تسيير رحلاتها مع الحصول على ضمانات بعدم وضع اليد على الطائرات في لبنان كما فعلت دول عدة تحت الضغط الأميركي بحقّ الطائرات واليخوت الروسية.
قرار شركات النفط أتى رغم اتصالات قامت بها السفارة الروسية وأصدقاء روسيا في لبنان مع أكثر من صاحب شركة في كارتيل النفط، من دون الوصول إلى نتيجة إيجابية، ورغم التعهدات الروسية باستخدام طائرات من طراز «بوينغ» و«إيرباص» تم استئجارها أخيراً من الصين وتركيا وغير خاضعة للعقوبات.
في المقابل، رفضت شركة «ميدل إيست» أيضاً القيام بالرحلات بدلاً من «إير فلوت»، بذريعة رفض شركات التأمين تغطية هذه الرحلات، رغم أن غالبية الشركات العربية، لا سيما الأردنية والمصرية والسعودية والقطرية والإماراتية، لا تزال تسير رحلاتها إلى موسكو بشكل طبيعي، فيما تحطّ طائرات «إير فلوت» في مطارات هذه الدول رغم النفوذ الأميركي الكبير فيها، ما يجعل هذا النفوذ في لبنان يتجاوز ما هو عليه في دول لطالما اعتبرت كيانات تابعة للولايات المتحدة، إضافة إلى الارتباط الكبير بين مصالح كارتيل النفط في لبنان والإدارة الأميركية.
في المقابل، تدير الحكومة «الأذن الطرشاء» لمصالح شريحة واسعة من اللبنانيين، تتجاوز الـ 50 ألف مسافر دائم شهرياً. وعدا عن الكلفة المالية الهائلة التي يتكبدها هؤلاء على متن الرحلات العربية أو رحلات الخطوط التركية، بعدما بات سعر البطاقة الاقتصادية فيها يتجاوز الـ 2000 دولار ذهاباً وإياباً، يخسر لبنان فرصة الاستفادة من خط الترانزيت بين بيروت وموسكو، كما فعلت تركيا، مع توقّف الرحلات المباشرة بين روسيا وعدد من الدول الغربية.
وصول الملف إلى طريق مسدود دفع بالمتضررين إلى البحث عن طرق جديدة لإعادة الرحلات المباشرة، خصوصاً بعد الإعلان عن بدء شركة «معراج» الإيرانية تسيير رحلاتها إلى بيروت.
ويدور همس عن اقتراح بديل يتضمن تسيير «إير فلوت» رحلات إلى بيروت من دون الاستفادة من الخدمات الأرضية لا سيّما تعبئة الفيول، على أن تتوقّف الطائرات في رحلة الإياب في أنطاليا للتزوّد بالوقود. إلا أن هذا الحلّ يتضمن أيضاً إنزال الركاب من الطائرة ونقلهم بعيداً منها أكثر من ساعتين، ما يعني إطالة أمد الرحلة والمعاناة على الركاب، عدا عن أن هذا الحل يظهر لبنان كياناً بلا سيادة تجاه الأميركيين وتجاه كارتيل النفط، ويسيء أكثر للعلاقات اللبنانية ــ الروسية.
ورغم بعض الخطوات الاستيعابية التي تقوم بها روسيا تجاه لبنان، إلا أن مسار الإساءة للعلاقة لا يزال مستمراً في ملفات أخرى. فإلى جانب تبنّي لبنان مواقف معادية لروسيا في الأمم المتحدة وتتماشى مع الضغوط الغربية ضد موسكو، تعرض موسكو هبة أربعين ألف طن من القمح و25 ألف طن من المشتقات النفطية، بعد قرار الرئيس فلاديمير بوتين بإيكال الملف لوزارة الطوارئ الروسية. وحتى الآن لا يزال لبنان يتردّد في استلام الهبة على ما تؤكّد مصادر السفارتين الروسية في بيروت واللبنانية في موسكو، من دون سبب وجيه سوى الخضوع للإرادة الأميركية!