“مجهولون” يدقّقون في داتا المدارس والثانويات الرسمية

أوردت صحيفة “الأخبار” تقريراً أعدته فاتن الحاج عن تدقيق يقوم به “مجهولون” بصفة “مفتشين” في “داتا” المدارس والثانويات الرسمية.

وجاء في نص التقرير:

ضجت أوساط أساتذة التعليم الرسمي، أخيراً، بخبر «اقتحام» «مفتشين» للثانويات والمدارس الرسمية والتدقيق في سجلات الحضور، بهدف تقرير استحقاق الأستاذ للمساعدة الاجتماعية المقدمة من الدول المانحة (90 دولاراً لكل أستاذ شهرياً)، والمشروطة بتغطية 90 في المئة من الدوام الرسمي. تجمّع المعلمين في لبنان (التابع للتعبئة التربوية في حزب الله) أشار إلى «سابقة خطيرة» في تاريخ التعليم الرسمي، سائلاً وزير التربية، عباس الحلبي، عن أسباب «الاستباحة للمدارس والثانويات من الجهات الدولية المانحة بذريعة التدقيق في ملفات وسجلات حضور الأساتذة».

وفي التفاصيل، أن المديرين تبلّغوا فجأة، عبر المناطق التربوية في المحافظات، أن مجموعة من المدققين المكلفين من وزارة التربية سيزورون المدارس للتدقيق في المعلومات المدخلة على برنامج إلكتروني SIMS لكل العاملين في المدرسة بكل مسمّياتهم. والبرنامج يعتمده المديرون لإدخال كل الداتا الخاصة بمدارسهم (الحضور اليومي، الغياب، معلومات خاصة بالتلامذة، إفادات التسجيل، العلامات… الخ). وأرفقت المناطق التربوية الرسالة الموجهة عبر مجموعات «واتساب» بجداول بأسماء المدققين أو من سمّتهم بـ«الباحثين» في كل محافظة.

وبحسب مصادر المديرين، بدأ «المفتشون» بالحضور إلى المدارس حيث اختاروا عيّنات من الأساتذة والإداريين وعمال النظافة لسؤالهم عن أوقات دوامهم، وتحديداً منذ بداية كانون الأول حتى اليوم، وتواقيعهم وأرقامهم المالية وأرقامهم في الضمان الاجتماعي (للعمال) وتعاونية موظفي الدولة (للأساتذة). واختلفت الآلية بين مدرسة وأخرى، ففي بعض المدارس، اكتفوا بالأسئلة ومطابقتها مع المعلومات التي كانت بحوزتهم، لكن من دون استخدام برنامج SIMS، وفي بعض الحالات لم يتردد البعض في تصوير سجلات الحضور.

المصادر أكدت  أن «المدققين» لم يبرزوا للمديرين تصريحاً رسمياً بالتكليف الذي حصلوا عليه من وزارة التربية، على غرار ما يفعل جميع الأشخاص والجهات الراغبة في دخول الصروح الرسمية لأي موضوع كان.

وتبين من خلال التدقيق في خلفيات «الخبر»، أن وزير التربية عباس الحلبي أصدر في 29 تشرين الثاني الماضي، التعميم الرقم 26 حول الدعم الإضافي لصناديق الثانويات والمدارس الرسمية، والذي نصّ في البند السادس على «أخذ العلم بأن منظمة اليونيسيف، ستقوم بالتنسيق مع وزارة التربية بتعيين شركة تدقيق خارجي لإجراء تدقيق مفاجئ في النفقات المنجزة، وسيتم إجراء ذلك بعد أسبوعين من تحويل الاعتمادات إلى المدارس، وفي كانون الثاني وحزيران من العام 2022، إضافة إلى قيام فريق من المنظمة بزيارات مبرمجة (بما في ذلك مقابلات مع إدارة المدرسة والمعلمين)، لمعرفة انعكاس هذا الدعم في صندوق المدرسة على التلامذة والمعلمين والبيئة التعليمية في المدرسة ومدى الالتزام بمعايير وأصول الإنفاق».

مع ذلك، أشارت مصادر المديرين أن التدقيق انحصر في موضوع واحد هو التحقق من دوام الأساتذة والعمال، ولم يتطرّق إلى أيّ من الملفات الأخرى، علماً بأن الوعود التي قطعت للمدارس ولروابط الأساتذة لم تتحقق حتى الآن، فلا كتب وصلت إلى التلامذة، ولا دعم بالعملة الأجنبية دخل الصناديق، ولا أثر للمازوت المدعوم للتشغيل والتدفئة ولا للقرطاسية وأدوات التنظيف والتعقيم.

ولفتت مصادر مسؤولة الى أن «المفتشين» ينتمون إلى شركة إحصائية لبنانية، ويعملون كاستشاريين لوزارة التربية ولديهم تفويض رسمي منها، بموجب عقد وقّع بين الطرفين، لا ينحصر في التدقيق في هذا الملف فحسب، وإنما في ملفات أخرى أيضاً، رافضة الكشف عن اسم الشركة وتفاصيل العقد وكلفته.

في دولة يتسلل فيها الانهيار إلى كل القطاعات ولا سيما الإدارات والمرافق العامة، يلحّ السؤال عن تحييد أجهزة الرقابة الرسمية عن كل المشهد، وعدم الركون في هذه المهمة بالذات إلى التفتيش التربوي، إذ إن مراقبة أحكام الدوام تدخل في صميم مهماته، ولا تعتبر عملاً إضافياً يتقاضى عليه بدلاً إضافياً، وخصوصاً أنه الجهة الأكثر معرفة بطبيعة المدارس وأحوالها وآلية عملها، وهل ثمة في وزارة التربية من يريد أن يعتّم على هذا الجهاز لأخذ دوره؟