محامين

المحامون يحرّرون نقابتهم من عبء “كلن يعني كلن”

//طوني كرم//

إنعكست «الانتفاضة التشرينيّة» على المشهد النقابي كما على الصروح الجامعيّة، منذ العام 2019 قبل أن ينقلب المشهد، وتتراجع تلك المجموعات التي عيّرت الحزبيين بانتمائهم، مشترطةً تجميد نشاطهم الحزبي للتعاون معهم في الإنتخابات النقابيّة… لتكرّس أعرق نقابة للمهن الحرّة في لبنان اليوم، وأكثرها تماساً مع المواطنين، أفول وهج تلك الحالة جرّاء اتساع هامش التخبّط السياسي والضياع داخل «الحالة التغييرية» التي يمثلها النواب الـ13، الذين ولو لبرهةٍ من الزمن إستقطبوا تأييد الرأي العام ورغبته في مشروعٍ مغايرٍ لمشروع التقليديين.

وعلى الرغم من أهمية العمل التراكمي للتغيير، يحمّل المرشح السابق لعضوية مجلس النقابة المحامي جاد طعمة مسؤولية غياب بعض مجموعات «17 تشرين» عن الترشح لخوض هذا الإستحقاق الديمقراطي، إلى «نواب التغيير» الذين تخلّوا عن دورهم في متابعة العمل النقابي وتعزيز الحضور في النقابات والسعي إلى استعادتها من أحزاب السلطة، ما يشكل خطوة أساسيّة لتعزيز أدائهم البرلماني والنقابي وصولاً إلى تحقيق النتائج المرجوة في الإنتخابات النيابيّة المقبلة أي في 2026. ولا يخفي طعمة الذي كان مرشحاً من ضمن إئتلاف «نقابتنا» الذي حمل شعار «كلن يعني كلن»، أن أداء «النواب الـ 13» شكّل خيبة لـ»مجموعات الثورة» بعد التعويل عليهم من أجل تقديم نموذج وقدوة لإقناع الناس بأداء «التغييريين»، قبل أن تدفع الإنقسامات في صفوفهم، المواطنين كما الناخبين أكان في النقابات أو سواها إلى العودة لتأييد الأحزاب التي صمدت خلال تلك المرحلة، بعدما شكّلت نتائج إنتخابات نقابة المحامين في العام الماضي خيبة لـ «17 تشرين» او لإئتلافهم على وجه الخصوص الذي لم يتمكن من إيصال أيٍّ من المرشحين على لائحته «نقابتنا». وتوجه طعمة إلى النقيب السابق والنائب التغييري ملحم خلف بسؤاله عن السبب الفعلي لإهمال المشاركة في إنتخابات النقابة اليوم بعد أن ساهم في بلورة «إئتلاف نقابتنا» في العام الماضي؟

وعن كيفيّة المشاركة في الإنتخابات، يضع طعمة هذا الأمر في عهدة «نادي الحقوقيين» الذي سيتخد قراره بعد المناظرات المرتقبة بين المرشحين على أن يكون الدعم حصراً للمرشحين المستقلين غير المنتمين لأي حزب من الأحزاب التقليدية، عبر اختيار مرشحين أو ثلاثة فقط ليكون للمحامي والإعتبارات الخاصة الحق في اختيار المرشح الرابع الذي يراه مناسباً.

ومن خارج «الإئتلاف التغييري»، عمدت المحامية ميسم يونس التي نالت خلال الاستحقاق الماضي 862 صوتاً ومرشّح «الكتلة الوطنية» المحامي جورج يزبك الذي نال بدوره 775 صوتاً، إلى الترشح مجدداً لخوض الإنتخابات كمستقلين منفتحين على التعاون مع جميع المحامين، بعدما خاضا المعركة في الدورة السابقة بوجه «جبهة المعارضة» التي ضمّت الأحزاب والمجموعات «السيادية».

في الغضون، رأى مرشح سابق لعضوية النقابة أنّ الجو الإنتخابي يختلف عن الدورات السابقة نظراً لغياب الحماسة، بعدما ارتد الجو العام في البلد منذ 2019 إلى حالة إحباط أدّت إلى تبدّل في أولويات المحامين، وتحوّل الحملات الإنتخابية إلى «غدوات وسهرات» تدور حول «الحمص والتبولة» في بلد «الإنهيار»، بعيداً عن الكفاءة والعلم والمواقف والمواقع والتاريخ النقابي للمحامي الذي إعتادوا اختيار المرشحين على أساسه.

وإذ تتقاطع مواقف المحامين على أن نقابتهم تعكس بشكل كبير الجو العام في البلد، نظراً لتماسها مع المواطنين ودورها في الدفاع عن الحقوق وتعزيز أهداف العدالة والمصلحة العامة والحريّة وكرامة المواطنين والمستضعفين، برز تشديد على أن الانتفاضة بشكل عام وروحها التي كانت في 2019 لم تعد موجودة اليوم رغم التحديات الإقتصادية والمالية والسياسية والإجتماعة والإنمائية التي تصيب البلد بعيداً عن ردود فعلٍ يعوّل عليها، وهذا ما يشير إلى عودة النقابة إلى «وضعها الطبيعي المحافظ»، بعد تراكم خيبات «التغييريين»، ليؤكد أحد المحامين الذي أصرّ على موجب التحفظ والإستحصال على إذن مسبق من النقابة قبل التصريح، على أنّ تراجع تلك المجموعات التي ادعت «الثورة» والنتيجة المخيبة للآمال التي حصدتها في 2021 دفعا بعض مجموعات «17 تشرين» التي أصبحت أسيرة شعار «كلن يعني كلن»، إلى إعادة استنباط شعارات جديدة بعدما أرهقهم هذا الشعار الكبير وارتد سلباً عليهم ليختم قائلاً: «التعويل على التراكم يكون على النجاح وليس على الفشل».