بعد استحقاق انتخاب رئيس ونائب رئيس مجلس النواب والادارة المجلسية، وفي انتظار تكوين اللجان النيابية، وعلى وقع التخبط الذي اصاب اركان الاكثرية النيابية التي تبين امس انها وهمية، تتجه الانظار في المرحلة الراهنة نحو التكليف والتأليف.
فتحت العنوان الاول، اي التكليف، الغموض سيد الموقف، في وقت قدم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في مقابلة تلفزيونية امس اوراق اعتماده، من دون ان تكون عودتُه الى السراي الحكومي على رأس حكومة جديدة مضمونة.
اما تحت العنوان الثاني، فالصورة ضبابية، ولاسيما حول شكل الحكومة. فهل تكون السلطة التنفيذية المقبلة تكنوقراط ام سياسية ام تجمع بين الاثنين؟ والاهم، ماذا سيكون عليه مشروعها الانقاذي للبنان من الواقع الذي يتخبط فيه؟
لكن في الانتظار، وبعد فشلها الذريع في جلسة الامس، يبدو ان القوات قررت ان “تفش خلقها” مجددا بطلاب الجامعات. اذ ضاقت في عينها لافتة تطالب بالتدقيق الجنائي امام الفرع الثاني لكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية، ففضلت ان ترفع فوقها صورة لسمير جعجع، ما ادى الى اشكال بين الطلاب تدخل بعده الجيش.
إنتهت لعبة أول جلسة لمجلس نواب الـ2022 وثبت بتوزيع أصوات النواب أنفسهم أن من إدعى نيل الأكثرية النيابية إستعجل وأن المجلس الحالي هو عبارة عن أكثرية متفككة تواجه أقلية متماسكة.
درس الجلسة الأولى ملخصه أن كلًا من حركة أمل حزب الله والتيار الوطني الحر قادر بقليل من الإدارة وكثير من التكتيك على تأمين أصوات خمسة وستين نائبًا للقضايا المصيرية لا سيما منها الإستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس للحكومة، وبعدها مباشرة الإنتخابات الرئاسية.
أما نواب 17 تشرين والنواب المستقلون والمعارضة بما تشمل من أحزاب، فلا بد أن يأخذوا من الجلسة عبرة تخاض على أساسها كل المعارك التي تنتظرهم من القوانين الإصلاحية إلى ملفي الحكومة ورئاسة الجمهورية.
في ملف الإستشارات النيابية الملزمة، يبدو أن رئيس الجمهورية ميشال عون سيدعو إليها في فترة تمتد من أسبوع إلى عشرة أيام.
حتى الآن، لا توافق بين أي من الأفرقاء على إسم رئيس الحكومة المقبل أو حتى على شكل الحكومة.
وتحت ضغط ضيق الوقت بين تشكيل الحكومة والدعوة إلى إنتخابات الرئاسة الأولى إعتبارًا من آب المقبل أي قبل شهرين من إنتهاء ولاية الرئيس عون في الحادي والثلاثين من تشرين الأول، وبين ضغط الإنهيار المالي والإقتصادي وتوقف التفاوض مع صندوق النقد الدولي، في حال التأخر في تشكيل حكومة جديدة، تتحدث المعلومات عن نصيحة فرنسية تقضي بإعادة تسمية نجيب ميقاتي رئيسًا للحكومة في محاولة لتقطيع المرحلة.
تقطيع المرحلة يقابله طرح أساسي: من من الأفرقاء يجرؤ على تحمل مسؤولية أي تأخير في تأليف الحكومة في بلد شحت دولاراته وينتظر موسم السياحة الصيفية ليؤمن الحياة في الخريف؟
في الوقت الذي مازالت فيه بعض القوى السياسية تعكف على عد الأصوات وتوزعها ومع تنوع القراءات والتحليلات لجلسة الاستحقاق النيابي وما دار خلالها من وقائع عكست طبيعة الكتل النيابية واحجامها والتوازنات كان رئيس مجلس النواب نبيه بري منذ اللحظة الأولى لإنتخابه يسعى كما كان دوماً الى كلمة سواء هي ( ١٢٨ نعم) لمجلس نيابي يرسخ مناخات السلم الأهلي والوحدة الوطنية ويكون على قدر آمال اللبنانيين.
طيّ صفحة الإنتخابات النيابية ومعها كل حسابات الفوز والخسارة والأكثريات والأقليات باتت ضرورة للجميع في حال كنا كلنا للوطن وملاقاة اليد الممدودة من رئيس المجلس للتعاون المخلص من أجل إنقاذ لبنان هي حاجة للجميع في سبيل إنجاز الإستحقاقات التي تنتظر اللبنانيين… الإنجاز ولا شيء سوى الإنجاز… لأن التعطيل هو جريمة بحق الوطن… هو بمثابة من يطلق النار على قدمي
اول الإستحقاقات يتمثل بالدعوة الى الإستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة وهو الأمر الذي كان حاضراً من دون شك خلال خلوة الرئيسين عون وبري في بعبدا بعد جلسة الإنتخاب
أمنياً إنفجرت “القلوب المليانة” بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في الجامعة اللبنانية حيث وقع إشكال على خلفية تعليق صور لسياسيين ما دفع الجيش الى التدخل
انتهى مشهدُ الامسِ عندَ اليدِ الممدودةِ التي رفعَها رئيسُ مجلسِ النواب نبيه بري للجميعِ من اجلِ مواجهةِ التحديات، وانقاذِ البلاد، فهل اعادَ البعضُ الحسابات؟ وتواضعوا قليلاً للمُضيِّ بواقعيةٍ نحوَ ما يُفيدُ الناس؟
انطلقَ العملُ التشريعيُ معَ انجازِ اولِ الاستحقاقات، والثلاثاءُ موعدٌ لانتخابِ رؤساءِ اللجانِ النيابيةِ وتشكيلِ اللجان، على انَ العينَ على المشاوراتِ النيابيةِ لتشكيلِ حكومةٍ جديدةٍ اكثرَ ما تحتاجُها البلادُ، التي تحتاجُ ايضاً الى جميعِ اطيافِها السياسيةِ ضمنَ حكومةِ وحدةٍ وطنيةٍ عليها مُهمةٌ استثنائيةٌ عندَ مفترقٍ مصيريٍّ من تاريخِ لبنان..
ومن تاريخِ لبنانَ الذي لا يُنسى، ويحتاجُه اللبنانيون نموذجاً وقدوةً كرجلِ دولةٍ ووَحدةٍ وحكمةِ، الرئيسِ الشهيد رشيد كرامي، الذي تَحِلُّ ذكراهُ اليومَ والبلدُ يتقلبُ على صفيحِ الازماتِ وتعصفُ به المؤامراتُ نفسُها التي دفعَ الرئيسُ الشهيدُ دمَه لمواجهتِها، وهي الوحدةُ والعيشُ المشتركُ والعروبةُ الحقةُ للبنانَ المنحازةُ الى جانبِ فلسطينَ واهلِها لا التهليلَ للتطبيعِ ومسمياتِ السلام.
وفي ذكراهُ الخامسةِ والثلاثينَ كأنَ الدمَ المسفوكَ نفسُه والقاتلَ نفسُه وكذلك الادوات، والمستهدفُ الوطنُ كلُّ الوطنِ بعبواتِ المالِ والسياسةِ والاقتصاد..
في ذكراهُ يُنَصِّبُ القاتلُ نفسَهُ مرشداً ويحاضرُ بالعروبةِ والوطنيةِ والسلام، ويحاولُ القتَلةُ ان ينالوا من نهجِ الشهيدِ الرشيد، وهو ما أكدَ رئيسُ حزبِ الكرامة الوزيرُ السابقُ فيصل كرامي انه لن يكون، ولن ينفعَ الاغتيالُ السياسيُ معَ ورثةِ الرئيس الشهيد، واِن ادخلَ البعضُ قاتلَه الى بيتِه الطرابلسي بعنوانِ النيابةِ المزورةِ كما اشارَ الوزيرُ كرامي، مؤكداً التمسكَ بنهجِه العربيِّ والقوميِّ المقاومِ على طريقِ فلسطين..
وعلى طريقِ الشهيدِ الرشيد كانت دعوةُ حزبِ الله لاستلهامِ مواقفِه الوطنيةِ وافكارِه الوحدويةِ للحفاظِ على العيشِ المشتركِ والتصدي بقوةٍ للفتنِ الداخليةِ والمؤامراتِ الخارجيةِ التي ُتعصف بالوطن، كما دعا حزبُ الله في بيانٍ له الى معاقبةِ القتلةِ الذين ارتكبوا هذه الجريمةَ المدانةَ وانزالِ اشدِ العقوباتِ بحقِهم..
اما العقوبةُ بحقِ اللبنانيينَ جميعِهم عبرَ الدولارِ، فمستمرة، وحالٌ من الفوضى وعدمِ الاستقرارِ في سعرِ الصرفِ تربكُ يومياتِ اللبنانيينَ وتُحرقُ جيوبَهم، ولا من حسيبٍ للمتسببينَ بهذه الجريمةِ ولا من رقيب..