الانتخابات الرئاسية تحاصر جعجع!

/ خلود شحادة /

ليس طقس لبنان وحده يمر بحالة ارتباك. يوم صيفي دافئ، يليه طقس عاصف وماطر وغيوم تلبّد سماء لبنان. كذلك رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع يجاري الأحوال الجوية بتقلّباته التي طفت على السطح.

منذ فترة ليست ببعيدة، عقد جعجع مؤتمراً صحافياً، “تحدى” فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري للدعوة الى جلسة انتخاب رئيس، متهماً إياه بـ”تطنيش” هذه الخطوة البرلمانية المهمة في ظل الحاجة الملحة لإنهاء حالة الفراغ الحاصلة في السلطة الأولى.
جعجع حينها أكد أنه سيحضر الجلسة، لما في ذلك من مصلحة للبلد.

اليوم، تبّدل مزاج حزب “القوات”، وأعلن عدم حضور أي جلسة نيابية يمكن أن تؤدي إلى انتخاب الوزير السابق سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية.
تضارب بالتوقعات والتحليلات حول حظوظ فرنجية بالوصول إلى بعبدا. فرنجية نفسه، ومعه الرئيس بري، أشارا إلى “إيجابية مبدئية” أبدتها السعودية.

في المقابل سارع حزب “القوات” لنفي هذه الإيجابية، في الوقت الذي لم يغرّد السفير السعودي وليد البخاري نافياً أو مؤكداً، يرافقه صمت من “الإليزيه”.
فهل رد الفعل القواتي مبني على معطيات حقيقية من الجانب السعودي؟ أم أن جعجع اليوم لن يمانع التغريد عكس سرب السعودية إذا كان الأمر يتعلق بوصول فرنجية إلى سدة الرئاسة؟

عملياً، الموقف يشي باتجاهين:

الأول، أن حظوظ فرنجية ارتفعت حتماً، وما أعلنه بري وفرنجية عن ليونة سعودية تجاهه، حقيقي، ولكنه ما زال في البداية، ولم تقم المملكة حتى الآن بمفاتحة الفريق المحسوب عليها في لبنان بالأمر، مما أدى إلى تخبط حقيقي لدى “القوات اللبنانية”. وبالتالي، فانّ إيران، ومعها فرنسا، تمكّنا من تعبيد الطريق بين بنشعي وبعبدا، خصوصاً أن فرنجية أكد عمق علاقته بسوريا بشكل علني، في الوقت الذي بدأت المياه تعود إلى مجاريها بين السعودية وسوريا.
كماأن وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان أعرب عن تفاؤله فيما خص انتخاب رئيس للجمهورية بعد لقاءاته التي عقدها خلال زيارته الى لبنان.

الثاني، يقول إن السعودية لم تحسم أمرها بعد، وأن ما قاله بري وفرنجية ناتج عن تطمينات فرنسية، ليست مضمونة حتى الآن، وبالتالي فإن خطاب “القوات” يمثل الموقف السعودي الحالي، وهذا ما يعني أن حظوظ فرنجية بدأت تتراجع، خصوصاً أن وزير الخارجية الإيرانية، لم يتبنَّ ولم ينفِ دعم بلاده لفرنجية، مع الإشارة إلى حساسية هذا التصريح لما سيتبعه من اتهامات بـ”الهيمنة الايرانية”.

من هذين الاتجاهين، يظهر ربما اتجاه ثالث، يقول إن السعودية أبدت ليونة، ولكن ليس تجاه فرنجية حصراً، بل تجاه التفاهم والاتفاق على إسم رئيس، ربما يكون فرنجية ضمن سلة الأسماء التي ستبحث فيها المملكة.
ولكن السؤال، هل هناك من ورّط جعجع باستفزاز بري للدعوة إلى جلسة انتخاب الرئيس، ومن ثم يعود عن قراره في ما بعد؟ أو أنه كان مطمئناً آنذاك إلى عدم حصول فرنجية على عددٍ كاف من الأصوات وتبدّل المشهد الآن؟
أم أنه عندما وجد أن بري لم يحرك ساكناً تجاه تصعيد جعجع واكتفى بوصفه أنه “ليس صديقاً ولا عزيزاً”، عاد للخطة “أ”، تحسباً لأي “دعسة ناقصة” من “القوات” توصل فرنجية إلى كرسي الرئاسة؟